المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١١٢
الخيل وقال مؤرج وغيره معناه طيبها مأخوذ من العرف ومنه طعام معرف أي مطيب وعرفت القدر طيبتها بالملح والتابل وقوله تعالى * (إن تنصروا الله) * فيه حذف مضاف أي دين الله ورسوله والمعنى تنصروه بجدكم واتباعكم وإيمانكم * (ينصركم) * بخلق القوة لكم والجرأة وغير ذلك من المعاون وقرأ جمهور الناس (ويثبت) بفتح التاء المثلثة وشد الباء وقرأ المفضل عن عاصم (ويثبت) بسكون الثاء وتخفيف الباء وهذا التثبيت هو في مواطن الحرب على الإسلام وقيل على الصراط في القيامة وقوله تعالى * (فتعسا لهم) * معناه عثارا وهلاكا فيه وهي لفظة تقال للعاثر إذا أريد به الشر ومنه قول الشاعر (يا سيدي إن عثرت خذ بيدي * ولا تقل لا ولا تقل تعسا) المنسرح وقال الأعشى (بذات لوت عفرناة إذا عثرت * فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا) البسيط ومنه قول أم مسطح لما عثرت في مرطها تعس مسطح قال ابن السكيت التعس ان يخر على وجهه و * (تعسا) * مصدر نصبه قعل مضمر وقوله تعالى * (كرهوا ما أنزل الله) * يريد القرآن وقوله * (فأحبط أعمالهم) * يقتضي ان أعمالهم في كفرهم التي هي بر مقيدة محفوظة ولا خلاف ان الكافر له حفظة يكتبون سيئاته واختلف الناس في حسناتهم فقالت فرقة هي ملغاة يثابون عليها بنعم الدنيا فقط وقالت فرقة هي محصاة من أجل ثواب الدنيا ومن اجل انه قد يسلم فينضاف ذلك إلى حسناته في الإسلام وهذا أحد التأويلين في قول النبي عليه السلام لحكيم بن حزام (أسلمت على ما سلف لك من خير) فقوم قالوا تأويله أسلمت على أن يعد لك ما سلف من خير وهذا هو التأويل الذي أشرنا إليه وقالت فرقة معناه أسلمت على إسقاط ما سلف لك من خير إذ قد ثوبت عليه بنعم دنياك وذكر الطبري ان اعمالهم التي أخبر في هذه الآية بحبطها عبادتهم الأصنام وكفرهم ومعنى * (أحبط) * جعلها من العمل الذي لا يزكو ولا يعتد به فهي لذلك كالذي أحبط
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»