المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٠٩
بسم الله الرحمن الرحيم سورة محمد هذه السورة مدنية بإجماع غير أن بعض الناس قال في قوله تعالى * (وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك) * محمد 13 إنها نزلت بمكة في وقت دخول النبي فيها عام الفتح أو سنة الحديبية وما كان مثل هذا فهو معدود في المدني لأن المراعى في ذلك إنما هو ما كان قبل الهجرة أو بعدها قوله عز وجل سورة محمد 1 - 3 قوله تعالى * (الذين كفروا) * الآية إشارة إلى أهل مكة الذين اخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله * (والذين آمنوا) * الآية إشارة إلى الأنصار أهل المدينة الذين آووه وفي الطائفتين نزلت الآيتان قاله ابن عباس ومجاهد ثم هي بعد تعم كل من دخل تحت ألفاظها وقوله * (وصدوا) * يحتمل ان يريد الفعل المجاوز فيكون المعنى * (وصدوا) * غيرهم ويحتمل ان يكون الفعل غير متعد فيكون المعنى * (وصدوا) * أنفسهم و * (سبيل الله) * شرعه وطريقه الذي دعا إليه وقوله * (أضل أعمالهم) * أي اتلفها لم يجعل لها غاية خير ولا نفعا وروي ان هذه الآية نزلت بعد بدر وان الإشارة بقوله * (أضل أعمالهم) * هي إلى الإنفاق الذي انفقوه في سفرتهم إلى بدر وقيل المراد بالأعمال أعمالهم البرة في الجاهلية من صلة رحم ونحوه واللفظ يعم ذلك وقرا الناس (نزل) بضم النون وشد الزاي وقرا الأعمش (أنزل) معدى بالهمزة وقوله تعالى * (وأصلح بالهم) * قال قتادة معناه وأصلح حالهم وقرا ابن عباس (أمرهم) وقال مجاهد شأنهم وتحرير التفسير في اللفظة انها بمعنى الفكر والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب فإذا صلح ذلك صلحت حاله فكأن اللفظة مشيرة إلى صلاح عقيدتهم وغير ذلك من الحال تابع فقولك خطر في
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»