المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١١١
مصدران منصوبان بفعلين مضمرين وقرا جمهور الناس (فداء) وقرأ شبل عن ابن كثير (فدى) مقصورا وإمام المسلمين مخير في أسراه في خمسة أوجه القتل أو الاسترقاق أو ضرب الجزية أو الفداء أو المن ويترجح النظر في أسير أسر بحسب حاله من إذاية المسلمين أو ضد ذلك وقوله تعالى * (حتى تضع الحرب أوزارها) * معناه حتى تذهب وتزول أثقالها والأوزار الأثقال فيها والآلات لها ومنه قول الشاعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي (وأعددت للحرب أوزارها * رماحا طوالا وخيلا ذكورا) المتقارب وقال الثعلبي وقيل الأوزار في هذه الآية الآثام جمع وزر لأن الحرب لا بد ان يكون فيها آثام في أحد الجانبين واختلف المتأولون في الغاية التي عندها * (تضع الحرب أوزارها) * فقال قتادة حتى يسلم الجميع فتضع الحرب أوزارها وقال حذاق أهل النظر حتى تغلبوهم وتقتلوهم وقال مجاهد حتى ينزل عيسى ابن مريم قال القاضي أبو محمد وظاهر الآية أنها استعارة يراد لها التزام الأمر أبدا وذلك أن الحرب بين المؤمنين والكافرين لا تضع اوزراها فجاء هذا كما تقول انا أفعل كذا إلى يوم القيامة فإنما تريد إنك تفعله دائما وقوله تعالى * (ذلك) * تقديره الأمر ذلك ثم قال * (ولو يشاء الله لانتصر منهم) * أي بعذاب من عنده يهلكهم به في حين واحد ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين وان يبلو بعض الناس ببعض وقرا جمهور الناس (قاتلوا) وقرا عاصم الجحدري بخلاف عنه (قتلوا) بفتح القاف والتاء وقرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم والأعرج وقتادة والأعمش (قتلوا) بضم القاف وكسر التاء وقرا زيد بن ثابت والحسن والجحدري وأبو رجاء (قتلوا) بضم القاف وكسر التاء وشدها والقراءة الأولى أعمها وأوضحها معنى وقال قتادة نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم أحد من المؤمنين وقوله تعالى * (سيهديهم) * أي إلى طريق الجنة وقد تقدم القول في إصلاح البال وروى عباس بن المفضل عن أبي عمرو (ويدخلهم) بسكون اللام وفي سورة التغابن * (يوم يجمعكم) * التغابن 9 وفي سورة الانسان * (إنما نطعمكم) * الإنسان 9 بسكون العين والميم وقوله تعالى * (عرفها لهم) * قال أبو سعيد الخدري وقتادة ومجاهد معناه بينها لهم أي جعلهم يعرفون منازلهم منها وفي نحو هذا المعنى هو قول النبي عليه السلام لأحدكم بمنزلة في الجنة اعرف منه بمنزله في الدنيا وقالت فرقة معناه سماها لهم ورسمها كل منزل باسم صاحبه فهذا نحو من التعريف وقالت فرقة معناه شرفها لهم ورفعها وعلاها وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها ومنه أعراف
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»