المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
الأولون في كتبهم يعني الشرائع وظاهر ألفاظ هذه الآية انها نزلت في مشار اليه قال وقيل له فنعى الله أقواله وتحذيرا من الوقوع في مثلها وقوله * (أولئك) * ظاهره انها إشارة إلى جنس يتضمنه قوله * (والذي قال) * ويحتمل إن كانت الآية في مشار إليه ان يكون قوله * (أولئك) * بمعنى صنف هذا المذكور وجنسهم * (الذين حق عليهم القول) * أي قول الله إنه يعذبهم وقوله * (قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) * يقتضي ان * (الجن) * يموتون كما يموت البشر قرنا بعد قرن وقد جاء حديث يقتضي ذلك وقال الحسن بن أبي الحسن في بعض مجالسه إن الجن لا يموتون فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت وقوله تعالى * (ولكل درجات) * يعني المحسنين والمسيئين قال ابن زيد ودرجات المحسنين تذهب علوا ودرجات المسيئين تذهب سفلا وقرا أبو عبد الرحمن (ولتوفيهم) بالتاء من فوق أي الدرجات وقرأ جمهور الناس (وليوفيهم) بالياء وقرأ نافع بخلاف عنه وأبو جعفر وشيبة والأعرج وطلحة والأعمش (ولنوفيهم) بالنون قال اللؤلؤي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود (ولنوفينهم) بنون أولى ونون ثانية مشددة وكل امرئ يجني ثمرة عمله من خير أو شر ولا يظلم في مجازاته بل يوضع كل امر موضعه من ثواب أو عقاب قوله عز وجل سورة الأحقاف 20 - 22 المعنى واذكر يوم يعرض وهذا العرض هو بالمباشرة كما تقول عرضت العود على النار والجاني على السوط والمعنى يقال لهم * (أذهبتم طيباتكم) * وقرا جمهور القراء (أذهبتم) على الخبر حسنت الفاء بعد ذلك وقرا ابن كثير والحسن والأعرج وأبو جعفر ومجاهد وابن وثاب (أذهبتم) بهمزة مطولة على التوبيخ والتقرير الذي هو في لفظ الاستفهام وقرأ ابن عامر (أأذهبتم) بهمزتين تقريرا والتقرير والتوبيخ إخبار بالمعنى ولذلك حسنت الفاء والا فهي لا تحسن في جواب على حد هذه مع الاستفهام المحض والطيبات الملاذ وهذه الآية وإن كانت في الكفار فهي رادعة لأولي النهى من المؤمنين عن
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»