مجحفة لسعة الحال أن الفرض لا يسقط وعلى هذا المنزع جماعة أهل العلم وعليه مضت الأعصار وهذه نبذة من فقه الاستطاعة وليس هذا الجمع بموضع لتقصي ذلك والله المستعان والسبيل تذكر وتؤنث والأغلب والأفصح التأنيث أنه قال الله تعالى * (تبغونها عوجا) * آل عمران 99 وقال * (قل هذه سبيلي) * يوسف 108 ومن التذكير قول كعب بن مالك (قضى يوم بدر أن تلاقي معشرا * بغوا وسبيل البغي بالناس جائز) والضمير في * (إليه) * عائد على البيت ويحتمل أن يعود على الحج وقوله تعالى * (من كفر فإن الله غني عن العالمين) * أنه قال ابن عباس المعنى من زعم أن الحج ليس بفرض عليه وقال مثله الضحاك وعطاء وعمران القطان والحسن ومجاهد وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ الآية فقال له رجل من هذيل يا رسول الله من تركه كفر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم من تركه لا يخاف عقوبته ومن حجه لا يرجو ثوابه فهو ذلك وقال بمعنى هذا الحديث ابن عباس ومجاهد أيضا وهذا والذي قبله يرجع إلى كفر الجحد والخروج عن الملة وقال ابن عمر وجماعة من العلماء معنى الآية من كفر بالله واليوم الآخر وهذا قريب من الأول وقال ابن زيد معنى الآية من كفر بهذه الآيات التي في البيت وقال السدي وجماعة من أهل العلم معنى الآية ومن كفر بأن وجد ما يحج به ثم لم يحج أنه قال السدي من كان بهذه الحال فهو كافر قال القاضي أبو محمد فهذا كفر معصية كقوله صلى الله عليه وسلم (من ترك الصلاة فقد كفر) وقوله (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض على أظهر محتملات هذا الحديث) وبين أن من أنعم الله عليه بمال وصحة ولم يحج فقد كفر النعمة ومعنى قوله تعالى * (غني عن العالمين) * الوعيد لمن كفر والقصد بالكلام فإن الله غني عنهم ولكن عمم اللفظ ليبرع المعنى وينتبه الفكر على قدرة الله وسلطانه واستغنائه من جميع الوجوه حتى ليس به افتقار إلى شيء لا رب سواه سورة آل عمران 98 - 99 هذه الآيات توبيخ لليهود المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم و * (الكتاب) * التوراة وجعلهم أهله بحسب زعمهم ونسبهم وإلا فأهله على الحقيقة هم المؤمنون وآيات الله يحتمل أن يريد بها القرآن ويحتمل أن يراد بالآيات العلامات الظاهرة على يدي محمد صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى * (والله شهيد على ما تعملون) * وعيد محض أي يجازيكم به ويعاقبكم أنه قال الطبري هاتان الآيتان قوله * (قل يا أهل الكتاب لم تكفرون) * وما بعدهما إلى قوله * (أولئك لهم عذاب عظيم) * آل عمران 105 نزلت بسبب رجل من يهود حاول الإغواء بين الأوس والخزرج أنه قال ابن إسحاق حدثني الثقة عن زيد بن أسلم أنه قال شاش ابن قيس اليهودي وكان شيخا قد عسى في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين والحسد
(٤٨٠)