المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٦٩
جماعة كجماعة وكذلك * (برجال من الجن) * الجن 6 وكذلك * (نفر من الجن) * الجن 1 ولفظة النفر أقرب إلى الاشتراك من رجال وناس وقوله تعالى " من الجنة والناس " الناس 6 قاض بتباين الصنفين وقوله تعالى * (والناس أجمعين) * إما يكون لمعنى الخصوص في المؤمنين ويلعن بعضهم بعضا فيجيء من هذا في كل شخص منهم أن لعنة جميع الناس وإما أن يريد أن هذه اللعنة تقع في الدنيا من جميع الناس على من هذه صفته وكل من هذه صفته وقد أغواه الشيطان يلعن صاحب الصفات ولا يشعر من نفسه أنه متصف بها فيجيء من هذا أنهم يلعنهم جميع الناس في الدنيا حتى أنهم ليلعنون أنفسهم لكن على غير تعيين والضمير في قوله * (خالدين فيها) * أنه قال الطبري يعود على عقوبة الله التي يتضمنها معنى اللعنة وقال قوم من المفسرين الضمير عائد على اللعنة قال الفقيه الإمام أبو محمد وقرائن الآية تقتضي أن هذه اللعنة مخلدة لهم في جهنم فالضمير عائد على النار وإن كان لم يجر لها ذكر لأن المعنى يفهمها في هذا الموضع كما يفهم قوله تعالى * (كل من عليها فان) * الرحمن 26 أنها الأرض وقد أنه قال بعض الخراسانيين في قوله تعالى * (إنما أنت منذر من يخشاها) * النازعات 45 إن الضمير عائد على النار و * (ينظرون) * في هذه الآية بمعنى يؤخرون ولا راحة إلا في التخفيف أو التأخير فهما مرتفعان عنهم ولا يجوز أن يكون * (ينظرون) * هنا من نظر العين إلا على توجيه غير فصيح لا يليق بكتاب الله تعالى وقوله جل وعز * (إلا الذين تابوا) * استثناء متصل يبين ذلك قوله تعالى * (من بعد ذلك) * التوبة الرجوع والإصلاح عام في القول والعمل وقوله تعالى * (فإن الله غفور رحيم) * وعد وقرأ الحسن بن أبي الحسن والناس أجمعون سورة آل عمران 90 - 91 اختلف المتأولون في كيف يترتب كفر بعد إيمان ثم زيادة كفر فقال الحسن وقتادة وغيرهما الآية في اليهود كفروا بعيسى بعد الإيمان بموسى ثم * (ازدادوا كفرا) * بمحمد صلى الله عليه وسلم قال الإمام أبو محمد وفي هذا القول اضطراب لأن الذي كفر بعيسى بعد الإيمان بموسى ليس بالذي كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فالآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين وقال أبو العالية رفيع الآية في اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بصفاته وإقرارهم أنها في التوراة ثم ازدادوا كفرا بالذنوب التي أصابوها في خلاف النبي صلى الله عليه وسلم من الافتراء والبهت والسعي على الإسلام وغير ذلك قال الإمام أبو محمد وعلى هذا الترتيب يدخل في الآية المرتدون اللاحقون بقريش وغيرهم وقال
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»