المصراة واختلف المتأولون في معنى قوله * (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) * فروى أبو حمزة عن ابن عباس أن المعنى اجعل جزءا على كل ربع من أرباع الدنيا كأن المعنى اجعلها في أركان الأرض الأربعة وفي هذا القول بعد وقال قتادة والربيع المعنى واجعل على أربعة أجبل عل كل جبل جزءا من ذلك المجموع المقطع فكما يبعث الله هذه الطير من هذه الجبال فكذلك يبعث الخلق يوم القيامة من أرباع الدنيا وجميع أقطارها وقرأ الجمهور جزءا بالهمز وقرأ أبو جعفر جزا بشد الزاي في جميع القرآن وهي لغة في الوقف فأجرى أبو جعفر الوصل مجراه وقال ابن جريج والسدي أمر أن يجعلها على الجبال التي كانت الطير والسباع حين تأكل الدابة تطير إليها وتسير نحوها وتتفرق فيها قالا وكانت سبعة أجبل فكذلك جزأ ذلك المقطع من لحم الطير سبعة أجزاء وقال مجاهد بل أمر أن يجعل على كل جبل يليه جزءا قال الطبري معناه دون أن تحصر الجبال بعدد بل هي التي كان يصل إبراهيم إليها وقت تكليف الله إياه تفريق ذلك فيها لأن الكل لفظ يدل على الإحاطة قال القاضي أبو محمد وبعيد أن يكلف جميع جبال الدنيا فلن يحيط بذلك بصره فيجيء ما ذهب إليه الطبري جيدا متمكنا والله أعلم أي ذلك كان ومعنى الآية أن إبراهيم عليه السلام كان بحيث يرى الأجزاء في مقامه ويرى كيف التأمت وكذلك صحت له العبرة وأمره بدعائهن وهن أموات إنما هو لتقرب الآية منه وتكون بسبب من حاله ويرى أنه قصد بعرض ذلك عليه ولذلك جعل الله تعالى سيرهن إليه * (سعيا) * إذ هي مشية المجد الراغب فيما يمشي إليه فكان من المبالغة أن رأى إبراهيم جدها في قصده وإجابة دعوته ولو جاءته مشيا لزالت هذه القرينة ولو جاءت طيرانا لكان ذلك على عرف أمرها فهذا أغرب منه ثم وقف عليه السلام على العلم بالعزة التي في ضمنها القدرة وعلى الحكمة التي بها إتقان كل شيء سورة البقرة 261 - 262 هذه الآية لفظها بيان مثل بشرف النفقة في سبيل الله وبحسنها وضمنها التحريض على ذلك وهذه الآية في نفقة التطوع وسبل الله كثيرة وهي جميع ما هو طاعة وعائد بمنفعة على المسلمين والملة وأشهرها وأعظمها غناء الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا والحبة اسم جنس لكل ما يزدرعه ابن آدم ويقتاته وأشهر ذلك البر وكثيرا ما يراد بالحب ومنه قول المتلمس (آليت حب العراق الدهر أطعمه * والحب يأكله في القرية السوس) البسيط وقد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة وأما في سائر الحبوب فأكثر ولكن المثال وقع بهذا القدر وقد ورد القرآن بأن الحسنة في جميع أعمال البر بعشر أمثالها واقتضت هذه الآية أن نفقة الجهاد
(٣٥٥)