المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٦٤
فيه نزلت * (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص) * أي هو عليكم في الامتناع من القتال أو الاستباحة بالشهر الحرام عليهم في الوجهين فأية سلكوا فاسلكوا و * (الحرمات) * على هذا جمع حرمة عموما النفس والمال والعرض وغير ذلك فأباح الله بالآية مدافعتهم والقول الأول أكثر وقالت فرقة قوله * (والحرمات قصاص) * مقطوع مما قبله وهو ابتداء أمر كان في أول الإسلام أن من انتهك حرمتك نلت منه مثل ما اعتدى عليك به ثم نسخ ذلك بالقتال وقالت طائفة ما تناول من الآية التعدي بين أمة محمد والجنايات ونحوها لم ينسخ وجائز لمن تعدي عليه في مال أو جرح أن يتعدى بمثل ما تعدي عليه به إذا خفي ذلك له وليس بينه وبين الله في ذلك شيء قاله الشافعي وغيره وهي رواية في مذهب مالك وقالت طائفة منهم مالك ليس ذلك له وأمور القصاص وقف على الحكام والأموال يتناولها قول النبي صلى الله عليه وسلم أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وقرأ الحسن بن أبي الحسن والحرمات بسكون الراء وقوله تعالى * (فمن اعتدى عليكم) * الآية اختلف في نسخ هذه الآية حسبما تقدم وسمي الجزاء على العدوان عدوانا كما أنه قال * (الله يستهزئ بهم) * البقرة 5 إلى غير ذلك * (واتقوا الله) * قيل معناه في أن لا تعتدوا وقيل في أن لا تزيدوا على المثل وقال ابن عباس نزلت هذه الآية وما هو في معناها بمكة والإسلام لم يعز فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعز دينه أمر المسلمون برفع أمورهم إلى حكامهم وأمروا بقتال الكفار وقال مجاهد بل نزلت هذه الآية بالمدينة بعد عمرة القضاء وهي من التدريج في الأمر بالقتال سورة البقرة 195 * (سبيل الله) * هنا الجهاد واللفظ يتناول بعد جميع سبله وقال أبو عبيدة وقوم الباء في قوله * (بأيديكم) * زائدة التقدير تلقوا أيديكم وقال الجمهور ذلك ضرب مثل تقول ألقى فلان بيده في أمر كذا إذا استسلم لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيده فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان ومنه قول عبد المطلب والله إن إلقاءنا بأيدينا إلى الموت لعجز
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»