وقال قوم التقدير لا تلقوا أنفسكم بأيديكم كما تقول لا تفسد حالك برأيك والتهلكة بضم اللام مصدر من هلك وقرأ الخليل * (التهلكة) * بكسر اللام وهي تفعلة من هلك بشد اللام وروي عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان على القسطنطينية فحمل رجل على عسكر العدو فقال قوم ألقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب لا إن هذه الآية نزلت في الأنصار حين أرادوا لما ظهر الإسلام أن يتركوا الجهاد ويعمروا أموالهم وأما هذا فهو الذي أنه قال الله فيه " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاه الله " البقرة 207 وقال حذيفة بن اليمان وابن عباس والحسن وعطاء وعكرمة وجمهور الناس المعنى لا تلقوا بأيديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العيلة فيقول الرجل ليس عندي ما أنفق وقال قوم المعنى لا تقنطوا من التوبة وقال البراء بن عازب وعبيدة السلماني الآية في الرجل يقول قد بالغت في المعاصي فلا فائدة في التوبة فينهمك بعد ذلك وقال زيد بن أسلم المعنى لا تسافروا في الجهاد بغير زاد وقد كان فعل ذلك قوم فأداهم ذلك إلى الانقطاع في الطريق أو الكون عالة على الناس وقوله * (وأحسنوا) * قيل معناه في أعمالكم بامتثال الطاعات وروي ذلك عن بعض الصحابة وقيل المعنى وأحسنوا في الإنفاق في سيبل الله وفي الصدقات قاله زيد بن أسلم وقال عكرمة المعنى وأحسنوا الظن بالله وقوله تعالى * (وأتموا الحج والعمرة لله) * أنه قال ابن زيد والشعبي وغيرهما إتمامهما أن لا تفسخ وأن تتمهما إذا بدأت بهما وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك وفعله عمران بن حصين وقال سفيان الثوري إتمامهما أن تخرج قاصدا لهما لا لتجارة ولا لغير ذلك ويؤيد هذا قوله * (لله) * وقال قتادة والقاسم بن محمد إتمامهما أن تحرم بالعمرة وتقضيها في غير أشهر الحج وأن تتم الحج دون نقص ولا جبر بدم وهذا مبني على أن الدم في الحج والعمرة جبر نقص وهو قول مالك وجماعة من العلماء وأبو حنيفة وأصحابه يرون أن كثرة الدم كمال وزيادة وكلما كثر عندهم لزوم الدم فهو أفضل واحتجوا بأنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ما أفضل الحج فقال العج والثج ومالك ومن أنه قال بقوله يراه ثج التطوع وقالت فرقة إتمامهما أن تفرد كل واحدة من حجة وعمرة ولا تقرن وهذا على أن الإفراد أفضل وقالت فرقة القرآن أفضل وذلك هو الإتمام عندهم
(٢٦٥)