المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٦٨
وقوله تعالى * (فمن كان منكم مريضا) * الآية المعنى فحلق لإزالة الأذى * (ففدية) * وهذا هو فحوى الخطاب عند أكثر الأصوليين ونزلت هذه الآية في كعب بن عجرة حين رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يتناثر قملا فأمره بالحلاق ونزلت الرخصة و * (فدية) * رفع على خبر الابتداء والصيام عند مالك وعطاء ومجاهد وإبراهيم وغيرهم وجميع أصحاب مالك ثلاثة أيام والصدقة ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذلك مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم والنسك شاة بإجماع ومن ذبح أفضل منها فهو أفضل وقال الحسن بن أبي الحسن وعكرمة الصيام عشرة أيام والإطعام عشرة مساكين وقرأ الزهري أو نسك بسكون السين وقال سعيد بن جبير ومجاهد النسك شاة فإن لم يجدها فقيمتها يشترى بها طعام فيطعم منه مدان لكل مسكين فإن لم يجد القيمة عرفها وعرف ما يشترى بها من الطعام وصام عن كل مدين يوما أنه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذلك كله حيث شاء وقاله إبراهيم وهو مذهب مالك وأصحابه إلا ابن الجهم فإنه أنه قال لا يكون النسك إلا بمكة وقال عطاء في بعض ما روي عنه وأصحاب الرأي النسك بمكة والصيام والإطعام حيث شاء وقال الحسن بن أبي الحسن وطاوس وعطاء أيضا ومجاهد والشافعي النسك والإطعام بمكة والصيام حيث شاء والمفتدي مخير في أي هذه الثلاثة شاء وكذلك أنه قال مالك وغيره في كل ما في القرآن أو فإنه على التخيير وقوله تعالى * (فإذا أمنتم) * أنه قال علقمة وعروة المعنى إذا برأتم من مرضكم وقال ابن عباس وقتادة وغيرهما إذا أمنتم من خوفكم من العدو المحصر وهذا أشبه باللفظ إلا أن تخيل الخوف من المرض فيكون الأمن منه وقوله تعالى * (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) * الآية أنه قال عبد الله بن الزبير وعلقمة وإبراهيم الآية في المحصرين دون المخلى سبيلهم وصورة المتمتع عند ابن الزبير أن يحصر الرجل حتى يفوته الحج ثم يصل إلى البيت فيحل بعمرة ويقضي الحج من قابل فهذا قد تمتع بما بين العمرة إلى حج القضاء وصورة المتمتع المحصر عند غيره أن يحصر فيحل دون عمرة ويؤخرها حتى يأتي من قابل فيعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه وقال ابن عباس وجماعة من العلماء الآية في المحصرين وغيرهم ممن خلي سبيله وصورة المتمتع أن تجتمع فيه ستة شروط أن يكون معتمرا في أشهر الحج وهو من غير حاضري المسجد الحرام ويحل وينشىء الحج من عامه ذلك دون رجوع إلى وطن أو ما ساواه بعدا هذا قول مالك وأصحابه واختلف لم سمي متمتعا فقال ابن القاسم لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج وقال غيره سمي متمتعا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين وذلك أن
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»