المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
المزدلفة قرن قزح الذي كانت قريش تقف عليه وذكر الله تعالى عند المشعر الحرام ندب عند أهل العلم وقال مالك من مر به ولم ينزل فعليه دم وقال الشافعي من خرج من مزدلفة قبل نصف الليل فعليه دم وإن كان بعد نصف الليل فلا شيء عليه وقال الشعبي والنخعي من فاته الوقوف بمزدلفة فاته الحج وقوله تعالى * (واذكروه كما هداكم) * تعديد للنعمة وأمر بشكرها ثم ذكرهم بحال ضلالهم ليظهر قدر الإنعام والكاف في * (كما) * نعت لمصدر محذوف و * (أن) * مخففة من الثقيلة ويدل على ذلك دخول اللام في الخبر هذا قول سيبويه وقال الفراء هي النافية بمعنى ما واللام بمعنى إلا والضمير في * (قبله) * عائد على الهدي سورة البقرة 199 - 203 قال ابن عباس وعائشة وعطاء وغيرهم المخاطب بهذه الآية قريش ومن ولدت وهم الحمس وذلك أنهم كانوا يقولون نحن قطين الله فينبغي لنا أن نعظم الحرم لا نعظم شيئا من الحل فسنوا شق الثياب في الطواف إلى غير ذلك وكانوا مع معرفتهم وإقرارهم أن عرفة هي موقف إبراهيم لا يخرجون من الحرم ويقفون بجمع ويفيضون منه ويقف الناس بعرفة فقيل لهم أن يفيضوا مع الجملة و " ثم " ليست في هذه الآية للترتيب إنما هي لعطف جملة كلام على جملة هي منها منقطعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحمس ولكنه كان يقف مذ كان بعرفة هداية من الله وقال الضحاك المخاطب بالآية جملة الأمة والمراد ب * (الناس) * إبراهيم عليه السلام كما أنه قال * (الذين أنه قال لهم الناس) * آل عمران 173 وهو يريد واحدا ويحتمل على هذا أن يؤمروا بالإفاضة من عرفة ويحتمل أن تكون إفاضة أخرى وهي التي من المزدلفة فتجيء " ثم " على هذا الاحتمال على
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»