وقوله تعالى * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * أمر يقتضي الوجوب و * (إلي) * غاية إذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها فهو داخل في حكمه كقولك اشتريت الفدان إلى حاشيته وإذا كان من غير جنسه كما تقول اشتريت الفدان إلى الدار لم يدخل في المحدود ما بعد * (إلي) * ورأت عائشة رضي الله عنها أن قوله * (إلى الليل) * يقتضي النهي عن الوصال وقد واصل النبي صلى الله عليه وسلم ونهى الناس عن الوصال وقد واصل جماعة من العلماء وقد تقدم أن هذه الآية نسخت الحكم الذي في قوله * (كما كتب على الذين من قبلكم) * البقرة 183 على قول من رأى التشبيه في الامتناع من الوطء والأكل بعد النوم في قول بعضهم وبعد صلاة العشاء في قول بعضهم والليل الذي يتم به الصيام مغيب قرص الشمس فمن أفطر وهو شاك هل غابت الشمس فالمشهور من المذهب أن عليه القضاء والكفارة وفي ثمانية أبي زيد عليه القضاء فقط قياسا على الشك في الفجر وهو قول جماعة من العلماء وقال إسحاق والحسن لا قضاء عليه كالناسي وقوله تعالى * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) * قالت فرقة المعنى لا تجامعوهن وقال الجمهور ذلك يقع على الجماع فما دونه مما يتلذذ به من النساء و * (عاكفون) * ملازمون يقال عكف على الشيء إذا لازمه مقبلا عليه أنه قال الراجز (عكف النبيط يلعبون الفنزجا *) الرجز وقال الشاعر (وظل بنات الليل حولي عكفا * عكوف البواكي بينهن صريع) الطويل وقال أبو عمرو وأبو حاتم قرأ قتادة عكفون بغير ألف والاعتكاف سنة وقرأ الأعمش في المسجد بالإفراد وقال وهو المسجد الحرام قال مالك رحمه الله وجماعة معه لا اعتكاف إلا في مساجد الجمعات وروي عن مالك أيضا أن ذلك في كل مسجد ويخرج إلى الجمعة كما يخرج إلى ضروري أشغاله وقال قوم لا اعتكاف إلا في أحد المساجد الثلاثة التي تشد المطي إليها حسب الحديث في ذلك وقالت فرقة لا اعتكاف إلا في مسجد نبي وقال مالك لا يعتكف أقل من يوم وليلة ومن نذر أحدهما لزمه الآخر وقال سحنون من نذر اعتكاف ليلة لم يلزمه شيء وقالت طائفة أيهما نذر اعتكفه ولم يلزمه أكثر وقال مالك لا اعتكاف إلا بصوم وقال غيره يعتكف بغير صوم وروي عن عائشة أنه يعتكف في غير مسجد و * (تلك) * إشارة إلى هذه الأوامر والنواهي والحدود الحواجز بين الإباحة والحظر ومنه قيل
(٢٥٩)