المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٢٢
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته حيال ميزاب الكعبة وقال ابن عباس وغيره بل وجه إلى البيت كله قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه والميزاب هو قبلة المدينة والشام وهنالك قبلة أهل الأندلس بلا ريب ولا خلاف أن الكعبة قبلة من كل أفق وقوله تعالى * (فول وجهك شطر المسجد) * الآية أمر بالتحول ونسخ لقبلة الشام وقيل نزل ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صلاة الظهر بعد ركعتين منها فتحول في الصلاة وذكر أبو الفرج أن عباد بن نهيك كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة وقيل إنما نزلت هذه الآية في غير صلاة وكانت أول صلاة إلى الكعبة العصر و * (شطر) * نصب على الظرف ويشبه المفعول به لوقوع الفعل عليه ومعناه نحو وتلقاء أنه قال ابن أحمر (تعدو بنا شطر نجد وهي عاقدة * قد كارب العقد من إيفادها الحقبا) البسيط وقال غيره (أقول لأم زنباع أقيمي * صدور العيس شطر بني تميم) الوافر وقال لقيط (وقد أظلكم من شطر ثغركم * هول له ظلم تغشاكم قطعا) البسيط وقال غيره خفاف بن عمير (ألا من مبلغ عمرا رسولا * وما تغني الرسالة شطر عمرو) الوافر و * (حيث ما كنتم فولوا) * أمر للأمة ناسخ وقال داود بن أبي هند إن في حرف ابن مسعود " فول وجهك تلقاء المسجد الحرام " وقال محمد بن طلحة إن فيه فولوا وجوهكم قبله وقرأ ابن أبي عبلة فولوا وجوهكم تلقاءه و * (الذين أوتوا الكتاب) * اليهود والنصارى وقال السدي المراد اليهود قال القاضي أبو محمد والأول أظهر والمعنى أن اليهود والنصارى يعلمون أن الكعبة هي قبلة إبراهيم إمام الأمم وأن استقبالها هو الحق الواجب على الجميع اتباعا لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدونه في كتبهم وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي عما تعملون بتاء على المخاطبة فإما على إرادة أهل الكتاب أو أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الوجهين فهو إعلام بأن الله تعالى لا يهمل العباد ولا يغفل عنها وضمنه الوعيد وقرأ الباقون بالياء من تحت وقوله تعالى * (ولئن أتيت) * الآية أعلم الله تعالى نبيه حين قالت له اليهود راجع بيت المقدس ونؤمن بك مخادعة منهم أنهم لا يتبعون له قبلة يعني جملتهم لأن البعض قد اتبع كعبد الله بن سلام وغيره وأنهم لا يدينون بدينه أي فلا تصغ إليهم والآية هنا العلامة وجاء جواب * (لئن) * كجواب لو وهي ضدها في أن لو تطلب المضي والوقوع وإن تطلب الاستقبال لأنهما جميعا يترتب قبلهما معنى القسم فالجواب إنما هو للقسم لا أن أحد الحرفين يقع موقع الآخر هذا قول سيبويه
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»