المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
وقوله تعالى * (فلا تخشوهم واخشوني) * الآية تحقير لشأنهم وأمر باطراح أمرهم ومراعاة أمره وقوله * (ولأتم) * عطف على قوله * (لئلا) * وقيل هو مقطوع في موضع رفع بالابتداء والخبر مضمر بعد ذاك والتقدير لأتم نعمتي عليكم عرفتكم قبلتي ونحوه و * (لعلكم تهتدون) * ترج في حق البشر والكاف في قوله * (كما) * رد على قوله " الأتم " أي إتماما كما وهذا أحسن الأقوال أي لأتم نعمتي عليكم في بيان سنة إبراهيم عليه السلام * (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم) * إجابة لدعوته في قوله * (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) * الآية وقيل الكاف من * (كما) * رد على * (تهتدون) * أي اهتداء كما وقيل هو في موضع نصب على الحال وقيل هو في معنى التأخير متعلق بقوله * (فاذكروني) * وهذه الآية خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهو المعني بقوله * (رسولا منكم) * و * (يتلو) * في موضع نصب على الصفة والآيات القرآن و * (يزكيكم) * يطهركم من الكفر وينميكم بالطاعة و * (الكتاب) * القرآن و * (الحكمة) * ما يتلقى عنه عليه السلام من سنة وفقه في دين و * (ما لم تكونوا تعلمون) * قصص من سلف وقصص ما يأتي من الغيوب سورة البقرة 152 - 157 قال سعيد بن جبير معنى الآية اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة قال القاضي أبو محمد أي اذكروني عند كل أموركم فيحملكم خوفي على الطاعة فأذكركم حينئذ بالثواب وقال الربيع والسدي المعنى اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحوه وفي الحديث إن الله تعالى يقول ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة وفي حديث آخر إن الله تعالى يقول وإذا ذكرني عبدي في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وروي أن الكافر إذا ذكر الله ذكره الله باللعنة والخلود في النار وكذلك العصاة يأخذون بحظ من هذا المعنى وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام قل للعاصين لا يذكروني و * (اشكروا لي) * واشكروني بمعنى واحد و * (لي) * أشهر وأفصح مع الشكر ومعناه نعمي وأيادي وكذلك إذا قلت شكرتك فالمعنى شكرت صنيعك وذكرته فحذف المضاف إذ معنى الشكر ذكر اليد وذكر مسديها معا فما حذف من ذلك فهو اختصار لدلالة ما بقي على ما حذف و * (تكفرون) * أي نعمي
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»