المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
ليالي وزيدت فيها الياء كما زيدت في كراهية وفراهية و * (النهار) * يجمع نهرا وأنهرة وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس يقضي بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم إنما هو بياض النهار وسواد الليل وهذا هو مقتضى الفقه في الإيمان ونحوها فأما على ظاهر اللغة وأخذه من السعة فهو من وقت الإسفار إذا اتسع وقت النهار كما قال (ملكت بها كفي فأنهرت فتقها * يرى قائم من دونها ما رواءها) الطويل وقال الزجاج في كتاب الأنواء أول النهار ذرور الشمس أنه قال وزعم النضر بن شميل أن أول النهار ابتداء طلوع الشمس ولا يعد ما قبل ذلك من النهار قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وقول النبي صلى الله عليه وسلم هو الحكم و * (الفلك) * السفن وإفراده وجمعه بلفظ واحد وليست الحركات تلك بأعيانها بل كأنه بنى الجمع بناء آخر يدل على ذلك توسط التثنية في قولهم فلكان والفلك المفرد مذكر أنه قال الله تعالى * (في الفلك المشحون) * الشعراء 119 وما ينفع الناس هي التجارات وسائر المآرب التي يركب لها البحر من غزو وحج والنعمة بالفلك هي إذا انتفع بها فلذلك خص ذكر الانتفاع إذ قد تجري بما يضر و * (ما أنزل الله من السماء من ماء) * يعني به الأمطار التي بها إنعاش العالم وإخراج النبات والأرزاق و * (بث) * معناه فرق وبسط و * (دابة) * تجمع الحيوان كله وقد أخرج بعض الناس الطير من الدواب وهذا مردود وقال الأعشى (دبيب قطا البطحاء في كل منهل *) الطويل وقال علقمة بن عبدة (صواعقها لطيرهن دبيب *) الطويل و * (تصريف الرياح) * إرسالها عقيما ومقحة وصرا ونصرا وهلاكا ومنه إرسالها جنوبا وشمالا وغير ذلك و * (الرياح) * جمع ريح وجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب إلا في يونس في قوله تعالى * (وجرين بهم بريح طيبة) * يونس 22 وهذا أغلب وقوعها في الكلام وفي الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هبت الريح يقول اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وذلك لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جسم واحد وريح الرحمة لينة متقطعة فلذلك هي رياح وهو معنى نشرا وأفردت مع الفلك لأن ريح إجراء السفن إنما هي واحدة متصلة ثم وصفت بالطيب فزال الاشتراك بينها وبين ريح العذاب وهي لفظة من ذوات الواو يقال ريح وأرواح ولا يقال أرياح وإنما قيل رياح من جهة الكسرة وطلب تناسب الياء معها وقد لحن في هذه اللفظة عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير فاستعمل الأرياح في شعره ولحن في ذلك وقال له أبو حاتم إن الأرياح لا تجوز فقال أما تسمع قولهم رياح فقال أبو حاتم هذا خلاف ذلك فقال صدقت ورجع وأما القراء السبعة فاختلفوا فقرأ نافع * (الرياح) * في اثني عشر موضعا هنا
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»