أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٢٣١
المسألة التاسعة (* (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن) *)) يعني إذ أسلمن وانقضت عدتهن لما ثبت من تحريم نكاح المشركة والمعتدة فعاد جواز النكاح إلى حالة الإيمان ضرورة المسألة العاشرة قوله (* (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) *)) هذا بيان لامتناع نكاح المشركة من جملة الكوافر وهو تفسيره والمراد به قال أهل التفسير أمر الله تعالى من كان له زوجة مشركة أن يطلقها وقد كان الكفار يتزوجون المسلمات والمسلمون يتزوجون المشركات ثم نسخ الله ذلك في هذه الآية وغيرها وكان ذلك نسخ الإقرار على الأفعال بالأقوال وقد بيناه في الناسخ والمنسوخ فطلق عمر بن الخطاب حينئذ قريبة بنت أمية وابنة جرول الخزامي فتزوج قريبة معاوية بن أبي سفيان وتزوج ابنة جرول أبو جهم فلما ولي عمر قال أبو سفيان لمعاوية طلق قريبة لئلا يرى عمر سلبه في بيتك فأبى معاوية ذلك المسألة الحادية عشرة قوله (* (واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا) *)) قال المفسرون كل من ذهب من المسلمات مرتدات من أهل العهد إلى الكفار يقال للكفار هاتوا مهرها ويقال للمسلمين إذا جاء أحد من الكافرات مسلمة مهاجرة ردوا إلى الكفار مهرها وكان ذلك نصفا وعدلا بين الحالتين وكان هذا حكم الله مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة بإجماع الأمة المسألة الثانية عشرة أما عقد الهدنة بين المسلمين والكفار فجائز على ما مضى من سورة الأنفال لمدة ومطلقا إليهم لغير مدة فأما عقده على أن يرد من أسلم إليهم فلا يجوز لأحد بعد النبي وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك من الحكمة وقضى فيه من المصلحة وأظهر فيه بعد ذلك من حسن العاقبة وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا بإسقاطه والشفاعة في حطه ففي الصحيح لما كاتب رسول الله سهيل بن عمرو يوم الحديبية على قصر
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»