أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٦
يوجب عمر قتل من نافق ونحن لا نتحقق نفاق فاعل مثل هذا لاحتمال أن يكون نافق واحتمال أن يكون قصد بذلك منفعة نفسه مع بقاء إيمانه والدليل على صحة ذلك ما روي في القصة أن النبي قال له يا حاطب أنت كتبت الكتاب قال نعم فأقر به ولم ينكر وبين العذر فلم يكذب وصار ذلك كما لو أقر رجل بالطلاق ابتداء وقال أردت به كذا وكذا للنية البعيدة الصدق ولو قامت عليه البينة وادعى فيه النية البعيدة لم يقبل وقد روي أن ابن الجارود سيد ربيعة أخذ درباسا وقد بلغه أنه يخاطب المشركين بعورات المسلمين وهم بالخروج إليهم فصلبه فصاح يا عمراه ثلاث مرات فأرسل عمر إليه فلما جاء أخذ الحربة فعلا بها لحيته وقال لبيك يا درباس ثلاث مرات فقال لا تعجل إنه كاتب العدو وهم بالخروج وإليهم فقال قتلته على الهم وأينا لا يهم فلم يره عمر موجبا للقتل ولكنه أنفذ اجتهاد ابن الجارود فيه لما رأى من خروج حاطب عن هذا الطريق كله ولعل ابن الجارود إنما أخذ بالتكرار في هذا لأن حاطبا أخذ في أول فعله المسألة السابعة فإن كان الجاسوس كافرا فقال الأوزاعي يكون نقضا لعهده وقال أصبغ الجاسوس الحربي يقتل والجاسوس المسلم والذمي يعاقبان إلا أن يتعاهدا على أهل الإسلام فيقتلان وقد روي عن علي بن أبي طالب عن النبي أنه أتي بعين للمشركين اسمه فرات بن حيان فأمر به أن يقتل فصاح يا معشر الأنصار أقتل وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأمر به النبي فخلى سبيله ثم قال إن منكم من أكله إلى إيمانه منهم فرات بن حيان المسألة الثامنة تودد حاطب إلى الكفار ليجلب منفعة لنفسه ولم يعقد ذلك بقلبه
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»