الآية الخامسة قوله تعالى (* (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا) *) الآية 58 فيها ثلاث مسائل المسألة الأولى في التوكل وهو تفعل من الوكالة أي اتخذه وكيلا وقد بيناه في كتاب الأمد وهو إظهار العجز والاعتماد على الغير المسألة الثانية أصل هذا علم العبد بأن المخلوقات كلها من الله لا يقدر أحد على الإيجاد سواه فإن كان له مراد وعلم أنه بيد الذي لا يكون إلا ما أراد جعل له أصل التوكل وهذا فرض عين وبه يصح الإيمان الذي هو شرط التوكل قال الله تعالى (* (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) *) المائدة 23 المسألة الثالثة يتركب على هذا من سكون القلب وزوال الانزعاج والاضطراب أحوال تلحق بالتوكل في كماله ولهذه الأحوال أقسام ولكل قسم اسم الحالة الأولى أن يكتفي بما في يده لا يطلب الزيادة عليه واسمه القناعة الحالة الثانية أن يكتسب زيادة على ما في يده ولا ينفي ذلك التوكل عندنا قال النبي لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا فإن قيل هذا حجة عليك لأن الطير لا تزيد على ما في اليد ولا تدخر لغد قلنا إنما الاحتجاج بالغدو والرواح الاعتمال في الطلب
(٤٤٨)