أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٣
وغيرك وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبينني فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيديه فأخذ فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد فقال ادعي الله لي ولا أضرك فأطلق الدعا بعض حجبته فقال لم تأتني بإنسان إنما أتيتني بشيطان فأخدمها هاجر المسألة الثانية قوله تعالى (* (بل فعله كبيرهم هذا) *)) اختلف الناس في ظاهر المقصود به فمنهم من قال هذا تعريض وفي التعاريض مندوحة عن الكذب ومنهم من قال بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فشرط النطق في الفعل والأول أصح لأنه عدده على نفسه فدل على أنه خرج مخرج التعريض وذلك أنهم كانوا يعبدونهم ويتخذونهم آلهة دون الله وهم كما قال إبراهيم لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا فقال إبراهيم بل فعله كبيرهم هذا ليقولوا إنهم لا ينطقون ولا يفعلون ولا ينفعون ولا يضرون فيقول لهم فلم تعبدون فتقوم الحجة عليهم منهم ولهذا يجوز عند الأئمة فرض الباطل مع الخصم حتى يرجع إلى الحق من ذات نفسه فإنه أقرب في الحجة وأقطع للشبهة كما قال لقومه هذا ربي على معنى الحجة عليهم حتى إذا أفل منهم تبين حدوثه واستحالة كونه إلها المسألة الثالثة قوله هذا ربي وهذه أختي وإني سقيم وبل فعله كبيرهم هذه وإن كانت معاريض وحسنات وحججا في الحق ودلالات لكنها أثرت في الرتبة وخفضت عن محمد من المنزلة واستحيا منها قائلها على ما ورد في حديث الشفاعة لأن الذي كان يليق بمرتبته في النبوة والخلة أن يصدع بالحق ويصرح بالأمر فيكون ما كان ولكنه رخص له فقبل الرخصة فكان ما كان من القصة ولهذا جاء في حديث الشفاعة
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»