دونهم فرقا منهم فإذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم وإن خفض صوته يظن الذي يسمع أنهم لا يسمعون من قراءته شيئا وسمع هو شيئا منهم أصاخ له يسمع منه فقيل له لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ولا تخافت بها فلا يسمعها من يسترق السمع رجاء أن يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به الوسنان قال محمد بن سيرين كان أبو بكر يخافت وعمر يجهر فقيل لأبي بكر في ذلك فقال أسمع من أناجي وقيل لعمر فيه فقال أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان وأذكر الرحمن فقيل لأبي بكر ارفع قليلا وقيل لعمر اخفض قليلا وذكر هذا عند قوله تعالى (* (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) *)) المسألة الثانية عبر الله هاهنا بالصلاة عن القراءة كما عبر بالقراءة عن الصلاة في قوله (* (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) *) الإسراء 78 لأن كل واحد منهما مرتبط بالآخر الصلاة تشتمل على قراءة وركوع وسجود فهي من جملة أجزائها فيعبر بالجزء عن الجملة وبالجملة عن الجزء على عادة العرب في المجاز وهو كثير المسألة الثالثة في تتبع الأسباب بالتنقيح أما روايات ابن عباس فأصحها الأول وأما رواية عائشة فيعضدها ما روي أن النبي كان في مسير فرفعوا أصواتهم بالتكبير فقال إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا وإنما تدعون سميعا قريبا إنه بينكم وبين رؤوس رحالكم وأما الثالث فإن صح فيكون خطابا للنبي والمراد أمته إذ لا يجوز عليه شيء من ذلك
(٢١٨)