المسألة الخامسة إن المراد بقوله (* (تتخذون منه سكرا) *) ما يسكر من الأنبذة وخلا وهو الرزق الحسن والدليل على هذا أن الله امتن على عباده بما خلق لهم من ذلك ولا يقع الامتنان إلا بمحلل لا بمحرم فيكون ذلك دليلا على جواز ما دون المسكر من النبيذ فإذا انتهى إلى السكر لم يجز؛ قاله أصحاب أبي حنيفة وعضدوا رأيهم هذا من السنة بما روي عن النبي أنه قال ' حرم الله الخمر لعينها والسكر من غيرها) وبما روي أيضا عنه أنه كان ينبذ له فيشربه ذلك اليوم فإذا كان في اليوم الثاني أو الثالث سقاه الخدم إذا تغير؛ ولو كان حراما ما سقاه إياهم فالجواب أنا نقول قد عارض علماؤنا هذه الأحاديث بمثلها فروي عنه أنه قال ' ما أسكر كثيره فقليله حرام ' خرجه الدارقطني وجوده وثبت في الصحاح عن الأئمة أنه قال ' كل مسكر حرام ' وروى الترمذي وغيره عن عائشة أنها قالت قال رسول الله ' كل مسكر حرام ما أسكر الفرق فملء الكف منه حرام ' وروي ' فالحسوة منه حرام ' وقد ثبت تحريم الخمر باتفاق من الأئمة وقد روي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله ' إن من الحنطة خمرا وإن من الشعير خمرا وإن من التمر خمرا وإن من الزبيب خمرا وإن من العسل خمرا ' خرجه الترمذي وغيره
(١٣٤)