للكعبة على التقريب سالكا إلى التحقيق وقد بينا ذلك في كتب الفقه وشرح الحديث المسألة الثالثة ومن الناس من قال إنها يهتدي بها في الأنواء فإن الله قدر المنازل ونزل فيها الكواكب ورتب لها مطالع ومغارب وربط بها عادة نزول الغيث وبهذا عرفت العرب أنواءها وتنظرت سقياها وأضافت كثرة السقيا إلى بعض وقلتها إلى آخر ويروى في الأثر أن عمر قال للعباس كم بقي لنوء الثريا؟ فقال له إن العرب تقول إنها تدور في الأفق سبعا ثم يدر الله الغيث فما جاءت السبع حتى غيث الناس وفي الموطأ إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة ومن البلاد ما يكون مطرها بالصبا ومنها ما يكون مطرها بالجنوب ويزعم أهلها أن ذلك إنما يدور على البحر فإذا جرت الريح ذيلها على البحر ألقحت السحاب منه وإذا جرت ذيلها على البيداء جاءت سحابا عقيما وهذا فاسد من وجهين أحدهما أنا لا نمنع ذلك في قدرة الله؛ فإن ربنا قادر على أن ينشئ الماء في السحاب إنشاء وهو قادر على أن يسيب له ماء البحر الملح ويصعده بعد أن كان مستفلا ويحاولي بتدبيره وقد كان ملحا وينزله إلينا فراتا عذبا؛ ولكن تعيين أحد الوجهين لا يكون بنظر؛ لأنه ليس في العقل لذلك أثر وإنما طريقه الخبر فنحن نقول هو جائز ولو أخبر به الصادق لكان واجبا الثاني أن الشمال تسميها العرب المجرة؛ لأنها تمخر السحاب ولا تمطر معها وقد تأتي بحرية وبرية فدل هذا على أن الأمر موقوف على المشيئة؛ وأنه لا يخبر عن الآثار العلوية إلا السنة النبوية لا العقول الأرسطاط اليسية فإن قيل فقد قال النبي في الحديث الصحيح الذي أجمعت عليه الأئمة ' قال
(١٢٩)