أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٩٧
الثالث الكثرة ومنه قوله تعالى (* (حتى عفوا) *) [الأعراف 95] أي كثروا ويقال عفا الزرع أي طال الرابع الذهاب ومنه قوله عفت الديار الخامس الطلب يقال عفيته واعتفيته ومنه قوله ما أكلت العافية فهو صدقة ومنه قول الشاعر (تطوف العفاة بأبوابه * كطوف النصارى ببيت الوثن) وإذا كان مشتركا بين هذه المعاني المتعددة وجب عرضها على مساق الآية ومقتضى الأدلة فالذي يليق بذلك منها العطاء أو الإسقاط فرجح الشافعي الإسقاط لأنه ذكر قبله القصاص وإذا ذكر العفو بعد العقوبة كان في الإسقاط أظهر ورجح مالك وأصحابه العطاء لأن العفو إذا كان بمعنى الإسقاط وصل بكلمة عن كقوله تعالى (* (واعف عنا) *) [البقرة 286] وكقوله عفوت لكم عن صدقة الخيل وإذا كانت بمعنى العطاء كانت صلته له فترجح ذلك بهذا وبوجه ثان وهو أن تأويل مالك هو اختيار خبر القرآن ومن تابعه كما تقدم وبوجه ثالث وهو أن الظاهر في الجزاء أن يعود على ما كان عليه الشرط والجزاء عائد إلى الولي فليعد إليه الشرط ويكون المراد بمن من كان المراد بالأمر بالاتباع الرابع أنه تعالى قال (* (شيء) *) فنكر ولو كان المراد القصاص لما نكره لأنه معرف وإنما يتحقق التنكير في جانب الدية وما دونه وينفصل أصحاب الشافعي عن ترجيح المالكية بأن العلة تتحقق إذا كان معنى عفا أسقط لأن تفسيره ترك وكلمة له تتصل بترك كما تتصل بأخذ
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»