أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٣٣
وقيل المراد من المسلمين لأن قوله تعالى (من الرجال) كان يغني عنه فلا بد لهذه الإضافة من خصيصة وهي إما أحراركم وإما مؤمنوكم والمؤمنون به أخص من الأحرار لأن هذه الإضافة هي إضافة الجماعة وإلا فمن هو الذي يجمع الشتات وينظم الشمل النظم الذي يصح منه الإضافة والصحيح عندي أن المراد به البالغون من ذكوركم المسلمون لأن الطفل لا يقال له رجل وكذا المرأة لا يقال لها رجل أيضا وقد بين الله تعالى بعد ذلك شهادة المرأة وعين بالإضافة في قوله تعالى (* (من رجالكم) *) المسلم ولأن الكافر لا قول له وعنى الكبير أيضا لأن الصغير لا محصول له وإنما أمر الله تعالى بإشهاد البالغ لأنه الذي يصح أن يؤدي الشهادة فأما الصغير فيحفظ الشهادة فإذا أداها وهو رجل جازت ولا خلاف فيه وليس للآية أثر في شهادة العبد يرد وسيأتي القول فيها في تفسير قوله تعالى (* (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) *) [النساء 135] إن شاء الله المسألة الرابعة عشرة عموم قوله تعالى (* (من رجالكم) *) يقتضي جواز شهادة الأعمى على ما يتحققه ويعلمه فإن السمع في الأصوات طريق للعلم كالبصر للألوان فما علمه أداه كما يطأ زوجته باللمس والشم ويأكل بالذوق فلم لا يشهد على طعام اختلف فيه قد ذاقه المسألة الخامسة عشرة قال علماؤنا أخذ بعض الناس من عموم هذه الآية في قوله تعالى (* (من رجالكم) *) جواز شهادة البدوي على القروي وقد منعها أحمد بن حنبل ومالك في مشهور قوله وقد بينا الوجوه التي منعها أشياخنا من أجلها في كتب الخلاف والصحيح جوازها مع العدالة كشهادة القروي على القروي وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد عنده أعرابي على هلال رمضان فأمر بالصيام
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 333 334 335 336 337 338 ... » »»