أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٧٤
وقال أبو حنيفة يريد ستة أشهر وقال زفر ثلاث سنين وهذا كله تحكم والصحيح أن ما قرب من أمد الفطام عرفا لحق به وما بعد منه خرج عنه من غير تقدير وفي مسائل الفروع تتمة ذلك المسألة الرابعة قوله تعالى (* (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) *)) دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لعجزه وضعفه فجعل الله تعالى ذلك على يدي أبيه لقرابته منه وشفقته عليه وسمى الله تعالى الأم لأن الغذاء يصل إليه بوساطتها في الرضاعة كما قال تعالى (* (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن) *) [الطلاق 6] لأن الغذاء لا يصل إلى الحمل إلا بوساطتهن في الرضاعة وهذا باب من أصول الفقه وهو أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب مثله المسألة الخامسة قوله تعالى (* (بالمعروف) *)) يعني على قدر حال الأب من السعة والضيق كما قال تعالى في سورة الطلاق (* (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) *) [الطلاق 7] ومن هذه النكتة أخذ علماؤنا جواز إجارة الظئر بالنفقة والكسوة وبه قال أبو حنيفة وأنكره صاحباه لأنها إجارة مجهولة فلم تجز كما لو كانت الإجارة به على عمل الآخر وذلك عند أبي حنيفة استحسان وهو عند مالك والشافعي أصل في الارتضاع وفي كل عمل وحمل على العرف والعادة في مثل ذلك العمل ولولا أنه معروف ما أدخله الله تعالى في المعروف فإن قيل الذي يدل على أنه مخصوص أنه قدر بحال الأب من عسر ويسر ولو كان على رسم الأجرة لم يختلف كبدل سائر الأعواض قلنا قدروه بالمعروف أصلا في الإجارات ونوعه باليسار والإقتار رفقا فانتظم الحكمان واطردت الحكمتان وفي مسائل الخلاف ترى تمام ذلك إن شاء الله تعالى
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»