المسألة الخامسة قوله تعالى (* (فمن فرض فيهن الحج) *)) المعنى التزمه بالشروع فيه لأنه فرض عليه بالنية قصدا باطنا وبالإحرام فعلا ظاهرا وبالتلبية نطقا مسموعا قاله ابن حبيب وأبو حنيفة في التلبية وقد بينا في مسائل الخلاف أن النية تكفي باطنا في التزامه عن فعل أو نطق وقد قال جماعة كما قدمنا منهم الشافعي إن هذا القول يقتضي اختصاص الإحرام بهذه الأشهر فلا يقدم عليها وأباه أبو حنيفة ومالك والمسألة مشكلة معضلة وقد استوفينا البيان فيها وأوضحنا لبابه في كتاب التلخيص وأن القول فيها دائر من قبل الشافعي على أن الإحرام ركن من الحج مختص بزمانه ومعولنا على أنه شرط فيقدم عليه وهناك تبين الترجيح بين النظرين وظهر أولى التأويلين في الآية من القولين المسألة السادسة قوله تعالى (* (فلا رفث ولا فسوق) *)) الرفث كل قول يتعلق بذكر النساء يقال رفث يرفث بكسر الفاء وضمها وقد يطلق على الفعل من الجماع والمباشرة قال الله تعالى (* (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) *) [البقرة 187] وكان ابن عمر وابن عباس يريان أن ذلك لا يمتنع إلا إذا روجع به النساء وأما إذا ذكره الرجل مفردا عنهن لم يدخل في النهي وفيه نظر فإن الحج منع فيه من التلفظ بالنكاح وهي كلمة واحدة فكيف بالاسترسال على القول يذكر كله وهذه بديعة المسألة السابعة قوله تعالى (* (فلا رفث ولا فسوق) * أراد نفيه مشروعا لا موجودا فإنا نجد الرفث فيه ونشاهده وخبر الله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يقع بخلاف مخبره فإنما يرجع النفي إلى وجوده مشروعا لا إلى وجوده محسوسا كقوله تعالى (* (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) *)
(١٨٨)