أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٨٤
مفطرا فذلك اتباع للسنة وأقوى على العبادة ولا يخلو المتمتع أن يجد الهدي أو لا يجده فإن لم يجده وعلم استمرار العدم إلى آخر الحج صام من أوله وإن رجاه آخره إلى مقدار ثلاثة أيام قبل عرفة فيصومه حينئذ لتقع الأيام مصومة في الحج ويخلو يوم عرفة عن الصوم وهذه المسألة تنبني عندي على أصل وهو ما المراد بقوله تعالى (* (في الحج) *) فإنه يحتمل أيام الحج ويحتمل موضع الحج فإن كان المراد به أيام الحج فهذا القول صحيح لأن آخر أيام الحج يوم النحر ويحتمل أن يكون آخر أيام الحج أيام الرمي لأن الرمي من عمل الحج خالصا وإن لم يكن من أركانه وإن كان المراد به موضع الحج صامه ما دام بمكة في أيام منى وهو قول عروة ويقوى جدا وقد روى هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال كانت عائشة تصوم أيام منى وكان أبي يصومها وروى الزهري عن عروة عن عائشة وعن سالم عن ابن عمر قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي خرجه البخاري والمعنى في ذلك والله أعلم لأنه لم يبق من إقامته إلا بمقدارها يؤكده قوله تعالى (* (وسبعة إذا رجعتم) *) لو كان المراد به أيام الحج لقال إذا أحللتم أو فرغتم فكان معنى قوله تعالى (* (إذا رجعتم) *) عن موضع الحج بإتمام أفعاله وبذلك يتحقق وجوب الصوم لعدم الهدي كما بيناه من قبل فإن قيل فقد روي في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مناديا ينادي أن أيام منى أيام أكل وشرب قلنا إن ثبت النهي عاما فقد جاء الخبر الصحيح بالتخصيص للمتمتع كما قدمناه
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»