أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٣٦
إذا اعتكف في مسجد لا جمعة فيه للجمعة فمن علمائنا من قال يبطل اعتكافه ولا تقول به بل يشرف الاعتكاف ويعظم ولو خرج من الاعتكاف من مسجد إلى مسجد لجاز له لأنه يخرج لحاجة الإنسان إجماعا فأي فرق بين أن يرجع إلى ذلك المسجد أو إلى سواه المسألة الثامنة عشرة وهي بديعة فإن قيل قلتم في قوله تعالى (* (فالآن باشروهن) *) إن المراد به الجماع وقلتم في قوله تعالى (* (ولا تباشروهن) *) إنه اللمس والقبلة فكيف هذا التناقض قلنا كذلك نقول في قوله تعالى (* (فالآن باشروهن) *) إنها المباشرة بأسرها صغيرها وكبيرها ولولا أن السنة قضت على عمومها ما روت عائشة وأم سلمة في جواز القبلة للصائم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وبإذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة في القبلة وهو صائم فخصصناها فأما قوله تعالى (* (ولا تباشروهن) *) فقد بقيت على عمومها وعضدتها أدلة سواها وهي أن الاعتكاف مبني على ركنين أحدهما ترك الأعمال المباحة بإجماع الثاني ترك سائر العبادات سواه مما يقطعه ويخرج به عن بابه فإذا كانت العبادات تؤثر فيه والمباحات لا تجوز معه فالشهوات أحرى أن تمنع فيه المسألة التاسعة عشرة قوله تعالى (* (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) *)) فحرم الله تعالى المباشرة في المسجد وذلك يحرم خارج المسجد لأن معنى الآية ولا تباشروهن وأنتم ملتزمون الاعتكاف في المسجد معتقدون له فهو إذا خرج لحاجة الإنسان وهو ملتزم للاعتكاف في المسجد معتقد له رخص له في حاجة الإنسان للضرورة الداعية إليه وبقي سائر أفعال الاعتكاف كلها على أصل المنع
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»