يس (71 - 68 خلفهم * (ومن نعمره ننكسه) * عاصم وحمزة والتنكيس جعل الشئ أعلاه أسفله الباقون ننكسه * (في الخلق) * أي نقلبه فيه بمعنى من أطلنا عمره نكسنا خلقه فصار بدل القوة ضعفا وبدل الشباب هرما وذلك أنا خلقناه على ضعف في جسده وخلو من عقل وعلم ثم جعلناه يتزايد إلى أن يبلغ أشده ويستكمل قوله ويعقل ويعلم ماله وما عليه فإذا انتهى نكسناه في الخلق فجعلناه يتناقص حتى يرجع إلى حال شبيهة يحال الصبى في ضعف جسده وقلة عقله وخلوه من العلم كما ينكس السهم فيجعل أعلاه أسفله قال عز وجل ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا * (أفلا يعقلون) * إن من قدر على أن ينقلهم من الشباب إلى الهرم ومن القوة إلى الضعف ومن رجاحة العقل إلى الخرف وقلة التمييز قادر على أن يطمس على أعينهم ويمسخهم على مكانتهم ويبعثهم بعد الموت وبالتاء مدنى ويعقوب وسهل وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاعر فنزل * (وما علمناه الشعر) * أي وما علمنا النبي عليه السلام قول الشعراء أو وما علمناه بتعليم القرآن الشعر على معنى أن القرآن ليس بشعر فهو كلام موزون مقفى يدل على معنى فأين الوزن وأين التقفية فلا مناسبة بينه وبين الشعر إذا حققته * (وما ينبغي له) * ومايصح له ولا يليق بحاله ولا يتطلب لو طلبه أي جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يتسهل كما جعلناه أميا لا يهتدي إلى الخط لتكون الحجة أثبت والشبهة أدحض وأما قوله * أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب * وقوله * هل أنت الا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت * فما هو إلا من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة من غير صنعة فيه ولا تكلف الا انه اتفق من غير قصد إلى ذلك ولا التفات منه أن جاء موزونا كما يتفق في خطب الناس ورسائلهم ومحاوراتهم أشياء موزونة ولا يسميها أحد شعرا لأن صاحبه لم يقصد الوزن ولا بد منه على أنه عليه السلام قال لقيت بالسكون وفتح الباء في كذب وخفض الباء في المطلب ولما نفى ان يكون القرآن من جنس الشعر قال * (إن هو) * أي المعلم * (إلا ذكر وقرآن مبين) * أي ما هو الا ذكر من الله يوعظ به الإنس والجن وما هو إلا قرآن كتاب سماوي يقرأ في المحاريب ويتلى في المتعبدات وينال بتلاوته والعمل به فوز الدارين فكم بينه وبين الشعر الذي هو من همزات الشياطين * (لينذر) * القرآن أو الرسول لتنذر مدني وشامي وسهل ويعقوب * (من كان حيا) * عاقلا متأملا لأن الغافل كالميت أو حيا بالقلب * (ويحق القول) * وتجب كلمة العذاب * (على الكافرين) * الذين لا يتأملون وهم في حكم الأموات * (أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما) * أي مما تولينا نحن احداثه ولم يقدر على توليه غيرنا
(١٣)