تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٥
إبراهيم (45 _ 48)) كيف بقوله * (فعلنا بهم) * أي أهلكناهم وانتقمنا منهم * (وضربنا لكم الأمثال) * أي صفات ما فعلوا وما فعل بهم وهي في الغرابة كالأمثال المضروبة لكل ظالم * (وقد مكروا مكرهم) * أي مكرهم العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم وهو ما فعلوه من تأييد الكفر وبطلان الإسلام * (وعند الله مكرهم) * وهو مضاف إلى الفاعل كالأول والمعنى ومكتوب عند الله مكرهم فهو مجازيهم عليه بمكر هو أعظم منه أو إلى المفعول أي وعند الله مكرهم الذي يمكرهم به وهو عذابهم الذي يأتيهم من حيث لا يشعرون * (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) * بكسر اللام الأولى ونصب الثانية والتقدير وان وقع مكرهم لزوال أمر النبي صلى الله عليه وسلم فعبر عن النبي عليه السلام بالجبال لعظم شأنه وكان تامة أو ان نافية واللام مؤكدة لها كقوله وما كان الله ليعذبهم والمعنى ومحال أن تزول الجبال بمكرهم على أن الجبال بمكرهم على أن الجبال مثل لآيات الله وشرائعه لأنها بمنزلة الجبال الراسية ثباتا وتمكنا دليله قراءة ابن مسعود وما كان مكرهم وبفتح اللام الأولى ورفع الثانية على أي وان كان مكرهم الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقطع عن أماكنها فان مخففة من أن واللام مؤكدة * (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) * يعنى قوله انا لننصر رسلنا كتب الله لأغلبن أنا ورسلي مخلف مفعول ثان لتحسبن وأضاف مخلف إلى وعده وهو المفعول الثاني له والأول رسله والتقدير مخلف رسله وعده وإنما قدم المفعول الثاني على الأول ليعلم انه لا يخاف الوعد أصلا كقوله ان الله لا يخلف الميعاد ثم قال رسله ليؤذن انه إذا لم يخلف وعده أحدا فكيف يخلفه رسله الذين هم خيرته وصفوته * (أن الله عزيز) * غالب لا يماكر * (ذو انتقام) * لأوليائه من أعدائه وانتصاب * (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) * على الظرف للانتقام أو على اضمار اذكر والمعنى يوم تبدل هذه الأرض التي تعرفونها أرضا أخرى غير هذه المعروفة وتبدل السماوات غير السماوات وإنما حذف لدلالة ما قبله عليه والتبديل التغيير وقد يكون في الذوات كقولك بدلت الدراهم دنانير وفي الأوصاف كقولك بدلت الحلقة خاتما إذا أذبتها وسويتها خاتما فنقلتها من شكل إلى شكل واختلف واحتلف في تبديل الأرض والسماوات فقيل تبدل أوصافها وتسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها وتسوى فلا ترى فيها عوجا ولا أمتا وعن ابن عباس رضي الله عنهما هي تلك الأرض وإنما تغير وتبدل السماء بانتثار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وانشقاقها وكونها أبوابا وقيل تخلق بدلها ارض وسموات أخر وعن ابن مسعود رضي الله عنه يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة وعن علي رضي الله عنه تبدل أرضا من فضة وسموات من ذهب * (وبرزوا) * وخرجوا من قبورهم * (لله الواحد القهار) * هو كقوله لمن الملك اليوم لله الواحد القهار لأن حب (لما ذا الون كك إلا يغا لغلا المب) فلا مستغاث لأحد إلى غيره كان الأمر في غاية الشدة
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»