تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٢٦
البقرة (21 _ 22)) وإقرارا عليها بالتفريط مع فرط التهالك على استجابة دعوته و أي وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام كما أن ذو والذي وصلتان إلى الوصف بأسماء الأجناس ووصف المعارف بالجمل وهو اسم مبهم يفتقر إلى ما يزيل إبهمامه فلا بد أن يردفه اسم جنس أو ما يجرى مجراه يتصف به حتى يتضح المقصود بالنداء فالذي يعمل فيه يا أي والتابع له صفته نحويا زيد الظريف إلا أن أيا لا يستقل بنفسه استقلال زيد فمم ينفك عن الصفة وكلمة التنبيه المقحمة بين الصفة وموصوفها لتأكيد معنى النداء وللعوض عما يستحقه أي من الإضافة وكثر النداء في القرآن على هذه الطريقة لأن ما نادى الله به عباده من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده أمور عظام وخطوب جسام يجب عليهم أن يتيقظوا لها ويميلوا بقلوبهم إليها وهم عنها غافلون فاقتضت الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ * (اعبدوا ربكم) * وحدوه قال ابن عباس رضي الله عنهما كل عبادة في القرآن فهي توحيد * (الذي خلقكم) * صفة موضحة مميزة لأنهم كانوا يسمون الآلهة أربابا والخلق إيجاد المعدوم على تقدير واستواء وعند المعتزلة إيجاد الشئ على تقدير واستواء وهذا بناء على أن المعدوم شيء عندهم لأن الشئ ما صح أن يعلم ويخبر عنه عندهم وعندنا هو اسم للموجود خلقكم بالادغام أبو عمرو * (والذين من قبلكم) * احتج عليهم بأنه خالقهم وخالق من قبلهم لأنهم كانوا مقرين بذلك فقيل لهم إن كنتم مقرين بأنه خالقكم فاعبدوه ولا تعبدوا الأصنام * (لعلكم تتقون) * أي اعبدوا على رجاء أن تتقوا فتنجوا بسببه من العذاب ولعل للترجى والأطماع ولكنه إطماع من كريم فيجرى مجرى وعده المحتوم وفاؤه وبه قال سيبويه وقال قطرب هو بمعنى كي أي لكي تتقوا * (الذي جعل لكم الأرض) * أي صير ومحل الذي نصب على المدح أو رفع باضمار هو * (فراشا) * بساطا تقعدون عليها وتنامون وتتقلبون وهو مفعول ثان لجعل وليس فيه دليل على أن الأرض مسطحة أو كرية إذ الافتراش ممكن على التقديرين * (والسماء بناء) * سقفا كقوله تعالى وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهو مصدر سمى به المبنى * (وأنزل من السماء ماء) * مطرا * (فأخرج به) * بالماء نعم خروج الثمرات بقدرته ومشيئته وإيجاده ولكن جعل الماء سببا في خروجها كماء الفحل في خلق الولد وهو قادر على إنشاء الكل بلا سبب كما أنشأ نفوس الأسباب والمواد ولكن له في إنشاء الأشياء مدرجا لها من حال إلى حال وناقلا من مرتبة إلى مرتبة حكما وعبرا للنظار بعيون الاستبصار ومن في * (من الثمرات) * للتبعيض أو للبيان * (رزقا) * مفعول له إن كانت للتبعيض ومفعول به لأخرج إن كانت للبيان و إنما قيل الثمرات دون الثمر والثمار وإن كان الثمر المخرج بماء السماء
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»