تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٩٩
سورة النساء 163 العرب بألسنتها فقيل له ألا تغيره فقال دعوه فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا وعامة الصحابة وأهل العلم على أنه صحيح واختلفوا فيه قيل هو نصب على المدح وقيل نصب على إضمار فعل تقديره أعني المقيمين الصلاة وهم المؤتون الزكاة وقيل موضعه خفض واختلفوا في وجهه فقال بعضهم معناه لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة وقيل معناه يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة ثم قوله (والمؤتون الزكاة) رجوع إلى النسق الأول (والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما) قرأ حمزة سيؤتيهم بالياء والباقون بالنون 163 قوله تعالى (إنا أوحينا إليك) هذا بناء على ما سبق من قوله (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء) فلما ذكر الله عيوبهم وذنوبهم غضبوا وجحدوا كل ما أنزل الله عز وجل وقالوا ما أنزل الله على بشر من شيء فنزل (وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) وأنزل (إنا أوحينا إليك) (كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) فذكر عدة من الرسل الذين أوحى إليهم وبذأ بذكر نوح عليه السلام لأنه كان أبا البشر مثل آدم عليه السلام قال الله تعالى (وجعلنا ذريته) هم الباقين ولأنه أول نبي من أنبياء الشريعة وأول نذير على الشرك وأولو من عذبت أمته لردهم دعوته وأهلك أهل الأرض جميعا بدعائه وكان أطول الأنبياء عمرا وجعلت معجزته في نفسه لأنه عمر ألف سنة فلم تسقط له سن ولم تشب له شعرة ولم ينتقص له قوة ولم يصبر نبي على اذى قومه ما صبر هو على طول عمره قوله تعالى (وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط) وهم أولاد يعقوب (وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا) قرأ الأعمش وحمزة (زبورا) والزبور بضم الزاي حيث كان بمعنى جمع زبور أي آتينا داود كتبا وصحفا مزبورة أي
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 » »»