والله يحب المطهرين) فإنه يعنى تطهير النفس:
(ومطهرك من الذين كفروا) أي مخرجك من جملتهم ومنزهك أن تفعل فعلهم وعلى هذا:
(ويطهركم تطهيرا - وطهرك واصطفاك - ذلكم أزكى لكم وأطهر - أطهر لقلوبكم - لا يمسه إلا المطهرون) أي إنه لا يبلغ حقائق معرفته إلا من طهر نفسه وتنقي من درن الفساد. وقوله: (إنهم أناس يتطهرون) فإنهم قالوا ذلك على سبيل التهكم حيث قال لهم:
(هن أطهر لكم) وقوله تعالى: (لهم فيها أزواج مطهرة) أي مطهرات من درن الدنيا وأنجاسها، وقيل من الأخلاق السيئة بدلالة قوله: (عربا أترابا) وقوله في صفة القرآن:
(مرفوعة مطهرة) وقوله: (وثيابك فطهر) قيل معناه نفسك فنقها من المعايب وقوله: (وطهر بيتي)، وقوله: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي) فحث على تطهير الكعبة من نجاسة الأوثان. وقال بعضهم في ذلك حث على تطهير القلب لدخول السكينة فيه المذكورة في قوله: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) والطهور قد يكون مصدرا فيما حكى سيبويه في قولهم:
تطهرت طهورا وتوضأت وضوءا فهذا مصدر على فعول ومثله وقدت وقودا، ويكون اسما غير مصدر كالفطور في كونه اسما لما يفطر به ونحو ذلك الوجور والسعوط والذرور، ويكون صفة كالرسول ونحو ذلك من الصفات وعلى هذا (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) تنبيها أنه بخلاف ما ذكره في قوله: (ويسقى من ماء صديد - وأنزلنا من السماء ماء طهورا) قال أصحاب الشافعي رضي الله عنه: الطهور بمعنى المطهر، وذلك لا يصح من حيث اللفظ لان فعولا لا يبنى من أفعل وفعل وإنما يبنى ذلك من فعل.
وقيل إن ذلك اقتضى التطهير من حيث المعنى، وذلك أن الطاهر ضربان: ضرب لا يتعداه الطهارة كطهارة الثوب فإنه طاهر غير مطهر به، وضرب يتعداه فيجعل غيره طاهرا به، فوصف الله تعالى الماء بأنه طهور تنبيها على هذا المعنى.
طيب: يقال طاب الشئ يطيب طيبا فهو طيب، قال (فانكحوا ما طاب لكم - فإن طبن لكم) وأصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس، والطعام الطيب في الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز، وبقدر ما يجوز، ومن المكان الذي يجوز فإنه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم، وإلا فإنه وإن كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وعلى ذلك قوله (كلوا من طيبات ما رزقناكم - فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا - لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم - كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) وهذا هو المراد بقوله (والطيبات من الرزق) وقوله: (اليوم