قد قالوا زوال الشمس ومعلوم أن لا ثبات للشمس بوجه، قيل إن ذلك قالوه لاعتقادهم في الظهيرة أن لها ثباتا في كبد السماء ولهذا قالوا قام قائم الظهيرة وسار النهار، وقيل زاله يزيله زيلا قال الشاعر: * زال زوالها * أي أذهب الله حركتها، والزوال التصرف وقيل هو نحو قولهم أسكت الله نامته، وقال الشاعر:
* إذا ما رأتنا زال منها زويلها * ومن قال زال لا يتعدى قال زوالها نصب على المصدر، وتزيلوا تفرقوا، قال (فزيلنا بينهم) وذلك على التكثير فيمن قال زلت متعد نحو مزته وميزته، وقولهم ما زال ولا يزال خصا بالعبارة وأجرى مجرى كان في رفع الاسم ونصب الخبر وأصله من الياء لقولهم زيلت ومعناه معنى ما برحت وعلى ذلك (ولا يزالون مختلفين) وقوله (لا يزال بنيانهم - ولا يزال الذين كفروا - وما زلتم في شك) ولا يصح أن يقال ما زال زيد إلا منطلقا كما يقال ما كان زيد إلا منطلقا وذلك أن زال يقتضى معنى النفي إذ هو ضد الثبات وما ولا: يقتضيان النفي، والنفيان إذا اجتمعا اقتضيا الاثبات فصار قولهم ما زال يجرى مجرى كان في كونه إثباتا فكما لا يقال كان زيد إلا منطلقا، لا يقال ما زال زيد إلا منطلقا.
زين: الزينة الحقيقية ما لا يشين الانسان في شئ من أحواله لا في الدنيا ولا في الآخرة، فأما ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين، والزينة بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنية كالقوة وطول القامة، وزينة خارجية كالمال والجاه. فقوله (حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم) فهو من الزينة النفسية. وقوله:
(من حرم زينة الله) فقد حمل على الزينة الخارجية وذلك أنه قد روى أن قوما كانوا يطوفون بالبيت عراة فنهوا عن ذلك بهذه الآية، وقال بعضهم: بل الزينة المذكورة في هذه الآية هي الكرم المذكور في قوله:
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وعلى هذا قال الشاعر:
* وزينة المرء حسن الأدب * وقوله: (فخرج على قومه في زينته) هي الزينة الدنيوية من المال والأثاث والجاه، يقال زانه كذا وزينه إذا أظهر حسنه إما بالفعل أو بالقول وقد نسب الله تعالى التزيين في مواضع إلى نفسه وفى مواضع إلى الشيطان وفى مواضع ذكره غير مسمى فاعله، فمما نسبه إلى نفسه قوله في الايمان (وزينه في قلوبكم) وفى الكفر قوله: (زينا لهم أعمالهم - زينا لكل أمة عملهم) ومما نسبه إلى الشيطان قوله: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) وقوله تعالى: (لأزينن لهم في الأرض) ولم يذكر المفعول لان المعنى