بنهي عن تحصيل الحزن فالحزن ليس يحصل بالاختيار ولكن النهى في الحقيقة إنما هو عن تعاطى ما يورث الحزن واكتسابه وإلى معنى ذلك أشار الشاعر بقوله:
من سره أن لا يرى ما يسوءه * فلا يتخذ شيئا يبالي له فقدا وأيضا يجب للانسان أن يتصور ما عليه جبلت الدنيا حتى إذا ما بغتته نائبة لم يكترث بها لمعرفته إياها، ويجب عليه أن يروض نفسه على تحمل صغار النوب حتى يتوصل بها إلى تحمل كبارها.
حس: الحاسة القوة التي بها تدرك الاعراض الحسية، والحواس المشاعر الخمس يقال حسست وحسيت وأحسست فأحسست يقال على وجهين: أحدهما: يقال أصبته بحسي نحو عنته ورعته. والثاني أصبت حاسته نحو كبدته وفأدته، ولما كان ذلك قد يتولد منه القتل عبر به عن القتل فقيل حسسته أي قتلته قال تعالى: (إذ تحسونهم بإذنه) والحسيس القتيل ومنه جراد محسوس إذا طبخ، وقولهم البرد للنبت وانحست أسنانه انفعال منه، فأما حسست فنحو علمت وفهمت، لكن لا يقال ذلك إلا فيما كان من جهة الحاسة. فأما حسيت فبقلب إحدى السينين ياء. وأما أحسسته فحقيقته أدركته بحاستي وأحست مثله لكن حذفت إحدى السينين تخفيفا نحو ظلت وقوله تعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر) فتنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحس فضلا عن الفهم، وكذا قوله تعالى (فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون) وقوله تعالى (هل تحس منهم من أحد) أي هل تجد بحاستك أحدا منهم؟ وعبر عن الحركة بالحسيس والحس، قال تعالى: (لا يسمعون حسيسها) والحساس عبارة عن سوء الخلق وجعل على بناء زكام وسعال.
حسب: الحساب استعمال العدد، يقال حسبت أحسب حسابا وحسبانا قال تعالى:
(لتعلموا عدد السنين والحساب) وقال تعالى:
(وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا) وقيل لا يعلم حسبانه إلا الله. وقال عز وجل: (ويرسل عليها حسبانا من السماء) قيل نارا وعذابا وإنما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه وفى الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم في الريح " اللهم لا تجعلها عذابا ولا حسبانا " وقال: (فحاسبناها حسبا شديدا) إشارة إلى نحو ما روى: من نوقش في الحساب معذب، وقال: (اقترب للناس حسابهم) نحو (وكفى بنا حاسبين) وقوله عز وجل: (ولم أدر ما حسابيه - إني ظننت أنى ملاق حسابيه) فالهاء منها للوقف نحو: ماليه وسلطانيه وقوله تعالى: (إن الله سريع الحساب) وقوله عز وجل: (جزاء من ربك عطاء حسابا) فقد