تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٦ - الصفحة ٧١
* (وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (19) قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا (20)).
وقد روى ابن عباس عن النبي أنه قال: ' أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وألا أكف ثوبا ولا شعرا '.
قوله تعالى: * (وأنه لما قام عبد الله) فمن قرأ بالكسر ينصرف إلى قول الجن، ومعناه: قال الجن: * (وإنه) وقيل: ينصرف إلى قول الله أي: قال الله تعالى: وإنه لما قام عبد الله ومن قرأ بالفتح معناه: أوحى إلي أنه لما قام عبد الله.
فعلى القول الأول قوله: * (كادوا يكونون عليه لبدا) ينصرف إلى أصحاب النبي وعبد الله هو الرسول، والمعنى: أن الجن لما رأو النبي وأصحابه خلفه وشاهدوا طواعيتهم له قالوا: كادوا يكونون عليه لبدا أي: يركب بعضهم بعضا من الطواعية.
وعلى القول الثاني المعنى: هو أن الله تعالى حكى عن الجن أن الرسول لما قرأ القرآن عليهم - يعني: على الجن - كادوا يكونون عليه لبدا أي: على الرسول - عليه الصلاة والسلام - أي: يركب بعضهم بعضا لحب الإصغاء إلى قراءته والاستماع إليها.
ويقال: إن الرسول كان صلى بهم وازدحموا عليه، وكاد يركب بعضهم بعضا.
وفي بعض التفاسير: كادوا يسقطون عليه.
وأما على قراءة الفتح قوله: * (كادوا يكونون عليه لبدا) ينصرف إلى الجن أيضا، و (هو) أظهر القولين أن الانصراف إلى الجن.
ومن اللبد قالوا: تلبد القوم إذا اجتمعوا، ومنه اللبد، لأن بعضه على بعض.
وقيل: كادوا يكونون عليه لبدا أي: تلبدت الجن والإنس واجتمعوا على أن يطفئوا نور الله لما قام الرسول يدعوه أي: يدعو الله، وقرئ: ' لبدا ' أي: كثيرا.
واللبد أيضا اسم آخر نسر من نسور (نعمان) بن عاد، وكان عاش سبعمائة سنة.
وقيل في المثل: طال لبد على أمد.
قوله تعالى: * (قل إنما ادعوا ربي) وقرئ: ' قال إنما ادعوا ربي ' في التفسير: أن
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»