(* (8) وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا (9) وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا (10)).
(فانقض كالدري يتبعه * نقع (يثور) تخاله طنبا) (قاله لاقوه إلا وروى).
وإذا كان هذا أمرا معهودا في الجاهلية فما معنى تعليقه بنبوة محمد، وعندكم أنه كان معجزة له وأساسا لنبوته؟ والجواب عنه من وجهين: أحدهما: أنه لم يكن هذا من قبل، وإنما حدث في زمان نبوة الرسول، والأشعار كلها منحولة على الجاهلية، أو قالوها بعد مولده حين قرب مبعثه.
وذكر السدي: أن أول من تنبه للرمي بالشهب هو هذا الحي من ثقيف، فخافوا خوفا شديدا وظنوا أن القيامة قد قربت، فجعلوا يعتقون العبيد ويسيبون المواشي، فقال لهم ابن عبد يا ليل: لا تعجلوا، وانظروا إلى النجوم المعروفة هل هي في أماكنها؟ فقالوا: هي في أماكنها.
قال: فإن هذا لأمر هذا الرجل الذي خرج بمكة.
والجواب الثاني - وهو الأصح - أن الرمي بالشهب قد كان من قبل، ولكنه لما كان في زمان الرسول كثر وقوي.
قال معمر: قلت للزهري: أكان الرمي بالشهب قبل الرسول في الجاهلية؟ قال: نعم، ولكنه لما كان زمان الرسول كثر واشتد.
قوله تعالى: * (وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع) أي: مقاعد للاستماع.
وقوله: * (فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا) أي: يجد شهابا أرصد له [وهيء] ليرمى به.
قوله تعالى: * (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) أي: أريد بهم الصلاح في ذلك أو الفساد أو الخير أو الشر.