تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٦ - الصفحة ٦٦
* (الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا (6) وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا (7) وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا الجن، والجن لا يسمون رجالا؟ والجواب: قلنا يجوز على طريق المجاز، وقد ورد في بعض أخبار العرب في حكاية أن قوما من الجن قالوا: نحن أناس من الجن، فإذا جاز أن يسموا أناسا جاز أن يسموا رجالا.
وأما قوله: * (فزادوهم رهقا) فيه قولان: أحدهما: إلا أن الإنس زادوا الجن رهقا أي: عظمة في أنفسهم، كأن الإنس لما استعاذوا بالجن ازدادوا الجن في أنفسهم عظمة.
والقول الثاني: هو أن الإنس ازدادوا رقها بالاستعاذة من الجن.
ومعناه: طغيانا وإثما، كأن الإنس لما استعاذوا بالجن وأمنوا على أنفسهم ازدادوا كفرا، وظنوا أن أمنهم كان من الجن.
وقيل: رهقا أي: غشيانا للمحارم.
وقيل: مفارقة اللائم.
قال الأعشى:
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها * هل يشتفي عاشق ما لم يصب رهقا) قوله تعالى: * (وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) في الآية دليل على أنه كان في الجن قوم لا يؤمنون بالبعث كما في الإنس.
قوله تعالى: * (وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) أي: ملئت حرسا بالملائكة.
وقوله: * (شهبا) جمع شهاب، وهو قطعة من النار، وقد ذكرنا من قبل صورة كيفية استراق الشياطين السمع من السماء، وأنهم كانوا يسمعون الكلمة فيضمون إليها عشرة ويلقونها إلى الكهنة، فلما كان في زمان النبي حرست السماء، ورمى الشياطين بالشهب.
فإن قال قائل: لم يزل هذا الأمر معهودا قبل الرسول، وهو انقضاض الكواكب، وذكره شعراء الجاهلية في أشعارهم، وقال بعضهم.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»