تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٦ - الصفحة ٧٠
* (صعدا (17) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18)).
واستدل بهذا من قال: إن معنى الطريقة هو الكفر والضلالة؛ لأنه قال: * (ولنفتنهم فيه) وهذا لا يلزم من قال بالقول الأول؛ لأن كثرة النعم فتنة للمؤمنين والكفرة جميعا.
وقوله: * (ومن يعرض عن ذكر ربه) أي: عن الإيمان بربه * (يسلكه عذابا صعدا) أي: شاقا.
والعذاب الشاق هو النار، ومعناه: يدخله النار.
ومنه قول عمر رضي الله عنه: ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح.
أي شقت.
وعن ابن عباس: أن قوله: * (صعدا) هو جبل في جهنم.
وقيل: هو صخرة من نار يكلف الصعود عليها، فإذا صعد عليها وقع في الدرك الأسفل.
قوله تعالى: * (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) اتفق القراء على فتح الألف في هذه الآية، وعلة النصب أن معناه: ولأن المساجد لله، ثم حذفت اللام فانتصب الألف.
وقيل: انتصبت لأن معناه: أوحى إلي أن المساجد لله. وسبب نزول هذه الآية أن الجن قالوا للنبي: نحن نود أن نصلي معك، فكيف نفعل ونحن ناءون عنك؟ فأنزل الله تعالى قوله: * (وأن المساجد لله) ومعناه: أنكم إن صليتم فمقصودكم حاصل من عبادة الله تعالى، فلا تشركوا به أحدا، وهو معنى قوله: * (فلا تدعوا مع الله أحدا) ويقال: هو ابتداء كلام.
والمعنى: أن اليهود و النصارى يشركون في البيع والصوامع، وكذلك المشركون في عبادة الأصنام، فأنتم أيها المؤمنون اعلموا أن الصلوات والسجود والمساجد كلها لله، فلا تشركوا معه أحدا.
وفي المساجد أقوال: أحدها: أنها بمعنى السجود، وهي جمع مسجد.
يقال: سجدت سجودا ومسجدا والمعنى: أن السجود لله يعني: هو المستحق للسجود.
والقول الثاني: أن المساجد هي المواضع المبنية للصلاة المهيأة لها، وهي جمع مسجد، ومعنى قوله: * (لله) نفي الملك عنها، أو معناه: الأمر بإخلاص العبادة فيها لله.
والقول الثالث: أن المساجد هي الأعضاء التي يسجد عليها الإنسان من جبهته ويديه وركبتيه وقدميه، والمعنى: أنه لا ينبغي أن يسجد على هذه الأعضاء إلا لله.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»