تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٦ - الصفحة ٦٩
* (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (15) وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا).
أي: جاروا.
وقوله: * (فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا) أي: طلبوا الرشد (وتوخوا) له.
والمتحري والمتوخي بمعنى واحد.
وقوله: * (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) أي: الكافرون، وهو في معنى قوله تعالى: * (وقودها الناس والحجارة).
قوله تعالى: * (وأن لو استقاموا على الطريقة) في الطريقة قولان: أحدهما: أنها الإيمان، وهذا قول مجاهد وقتادة وعكرمة وجماعة، وهو في معنى قوله تعالى: * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحتنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا).
والقول الثاني: أن الطريقة هاهنا طريقة الكفر والضلالة، وهذا قول أبي مجلز لاحق بن حميد من التابعين، وهو قول الفراء وجماعة، وهو في معنى قوله تعالى * (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة) الآية.
فجعل تماديهم في الكفر سببا لتوسيع النعم عليهم، وكذلك قوله تعالى: * (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء) الآية، ومعناه: أبواب كل شيء من الخيرات والنعم.
قالوا: والقول الأول أولى؛ لأنه عرف الطريقة بالألف واللام، فينصرف إلى الطريقة المعروفة المعهودة شرعا وهي الإيمان.
وقوله: * (لأسقيناهم ماء غدقا) أي: كثيرا.
تقول العرب: فرس غيداق إذا كان كثير الجري واسعة.
ومعناه: أكثرنا لهم المال والنعمة؛ لأن كثرة الماء سبب لكثرة المال.
وقوله: * (لنفتنهم فيه) أي: لنبتليهم فيه، ونختبرهم فيه.
(٦٩)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)، الجماعة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»