القرآن وعلا صوته، فلصقوا بالأرض حتى لا أراهم ' وفي رواية: انهم قالوا له: ' ما أنت؟ ما أنت؟ قال: نبي.
قالوا: ومن يشهد لك؟ فقال: هذه الشجرة، قال: فدعا الشجرة فجاءت تجر عروقها، لها قعاقع، وشهدت الشجرة له بالنبوة، ثم عادت إلى مكانها ' وفي هذا الخبر: ' أنهم سألوه الزاد فأعطاهم العظم والبعر، فكانوا يجدون العظم أوقر ما يكون لحما، والبعر علفا لدوابهم، ونهى الرسول حينئذ الاستنجاء بالعظم والروث '.
قال جماعة من أهل التفسير: أن أمر الجن كان مرتين، مرة بمكة ومرة ببطن نخلة، فالذي رواه ابن عباس هو الذي كان ببطن نخلة، والذي رواه ابن مسعود هو الذي كان بمكة، فأما الذي كان ببطن نخلة فإنهم مروا بالنبي واستمعوا القرآن، وأما الذي كان بمكة فإن الرسول انطلق إليهم، وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الإيمان، فهذا هو الجمع بين الروايتين.
وقد روى أن عبد الله بن مسعود رأى بالعراق قوما من الزط، فقال: أشبههم بالجن ليلة الجن.
وفي رواية علقمة: أنه قال لعبد الله بن مسعود: هل كان منكم أحد مع رسول الله ليلة الجن؟ قال: لا، ما شهده منا أحد، وساق خبرا ذكره مسلم في كتابه.
وفي الباب اختلاف كثير في الروايات، وأما ما ذكرناه هو المختصر منها، ويحتمل أن ابن مسعود كان مع رسول الله ليلة الجن إلا أنه لم يكن معه عند خطاب الجن وقراءة القرآن، عليهم، فإنه روى أنه قال: ' خط رسول الله لي خطا وقال: لا تبرح هذا الخط وانطلق في الجبل، قال فسمعت لغطا وصوتا عظيما، فأردت أن أذهب في أثره، فذكرت قول رسول الله: لا تبرح الخط فلم أذهب، فلما رجع ذكرت له ذلك، فقال لي: لو خرجت من الخط لم ترني أبدا '.
قوله تعالى: * (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) قال الفراء: النفر اسم لما بين الثلاثة إلى عشرة.
وحكاه ابن السكيت أيضا عن ابن زيد.
يقولون: عشرة نفر، ولا يقولون: عشرون نفرا، ولا ثلاثون نفرا.
وقد روى أنهم كانوا تسعة نفر، وذكروا أسماءهم، وقد بينا.
وروى عاصم عن زر أنه كان فيهم زوبعة.