وقال إنني من المسلمين (33) ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (34)) * * وقوله: * (وقال إنني من المسلمين) أي: أقر بالإسلام وثبت عليه. ويقال: من المستسلمين لحكم الله. ومن المعروف عن عائشة رضي الله عنها أن المراد من قوله: * (وعمل صالحا) هو ركعتان بين الأذان والإقامة. وهذا على القول الذي قلنا: إنه ورد في المؤذنين.
قوله تعالى: * (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) معناه: ولا تستوي الحسنة والسيئة و ' لا ' صلة.
وأما الحسنة والسيئة ففيهما أقوال:
أحدها: أنهما التوحيد والشرك، والآخر: أنهما العفو والانتصار، والثالث: أنهما المداراة والغلظة. والرابع: أنهما الصبر والجزع. والخامس: أنهما الحلم عند الغضب والسفه.
وقوله: * (ادفع بالتي هي أحسن) أي: ادفع السيئة بالخلة التي هي أحسن، والخلة هي أحسن الحلم عند الغضب، والعفو عند القدرة، والصبر عند البلاء، وما أشبه ذلك.
وفي الآية قول آخر: أن معنى قوله: * (ادفع بالتي هي أحسن) أي: بالسلام، قاله مجاهد. ومعناه: أنه يسلم على من يؤذيه، ولا يقابله بالأذى، وعن ابن عباس: أن معنى قوله تعالى: * (ادفع بالتي هي أحسن) هو أنه إذا أذاك إنسان وشتمك ونسبك إلى القبيح تقول له: إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك.
وقوله: * (فإذا الذي بينك وبينه عداوة) هذا في الحلم عند الغضب، والعفو عند القدرة.
وقوله: * (كأنه ولي حميم) أي: صديق قريب، فالولي هو الصديق، والحميم هو القريب.