تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٣٦٠
* (يمسه إلا المطهرون (79) تنزيل من رب العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82)) * * أنهما دخلا على سلمان ليقرأ عليه القرآن، فجاء من الغائط، فقالا له: توضأ لنقرأ عليك القرآن، فقال: اقرآني، لا أريد أن أمسه، ثم قرأ: * (لا يمسه إلا المطهرون).
وقوله: * (تنزيل من رب العالمين) أي: القرآن نزله رب العالمين.
قوله تعالى: * (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون) أي: مكذبون تكذيب منافق. والمدهن والمداهن بمعنى واحد، والمداهن هو ذو الوجهين، وهو الذي يكون قلبه خلاف لسانه، ولسانه خلاف قلبه. ويقال: المدهنون: هم الذين يدفعون الصدق والحق بأحسن وجه يقدر عليه، ومنه قوله تعالى: * (ودوا لو تدهن فيدهنون) يعني: تكذب فيكذبون، وترائي فيراءون.
وقوله: * (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) قرأ علي: ' وتجعلون شكركم أنكم تكذبون ' وهو معنى القراءة المعروفة يعني: تضعون التكذيب موضع الشكر، ومنه قول الشاعر:
(تحية بينهم ضرب وجيع *) أي: يضعون الضرب الوجيع موضع التحية. ويقال معنى الآية: تجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، مثل قوله تعالى: * (واشتعل الرأس شيبا) أي: شعر الرأس.
وعن الحسن البصري: أن الرزق هاهنا بمعنى الهداية التي أعطاهم الله تعالى بالقرآن، فكأن الله تعالى لما أنزل القرآن، وبين لهم طريق الحق به فكذبوه وأنكروا، سمي بذلك البيان رزقا، وجعل تكذيبهم كفرانا لهذا الرزق. وروي عن الحسن البصري أنه قال: خسر قوم جعلوا حظهم من القرآن التكذيب. والقول الثالث وهو
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»