تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٢١٩
* (من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) * * وقال غيره وهو قتادة: هو في رجلين اختصما في عهد النبي في حق بينهما، فقال أحدهما للآخر: لآخذن منك عنوة تعززا بكثرة عشيرته، وقال الآخر: لا، بل أحاكمك إلى رسول الله، فلم يزل بينهما الأمر حتى تواثبا وتضاربا، (وكان بينهما قتال) بالنعل واليد، وأنزل الله تعالى هذه الآية.
قال مجاهد: الطائفة اسم للواحد إلى ألف وأكثر.
وروي أن النبي لما قدم المدينة قيل له: لو أتيت عبد الله بن أبي بن سلول فدعوته إلى الإيمان، فركب حمارا وتوجه إليه، وكانت الأرض أرضا سبخة، وأصحابه حوله فثار الغبار، فلما بلغ الموضع الذي فيه عبد الله بن أبي بن سلول وعنده جماعة، قال: إليك عنا يا محمد، فقد أذانا نتن حمارك. فقال عبد الله بن رواحة: والله إن حماره أطيب (ريحا) منك. فغضب لعبد الله بن أبي سلول قوم، ولعبد الله بن رواحة قوم، فثار بينهم الشر، وتقاتلوا بالعصي والنعال وما أشبه ذلك، وأراد النبي أن يسكنهم فلم يمكنه، ثم إنهم سكنوا، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وذكر البخاري خبرا في الصحيح برواية أنس قريبا من هذا في سبب نزول هذه الآية، وإنما سمى الله تعالى ذلك مقاتلة؛ لأن الجري عليه يؤدي إلى القتل، والذي ذكرناه من قصة عبد الله بن أبي بن سلول وعبد الله بن رواحة ذكره الكلبي ومقاتل وغيرهما.
وقوله: * (فأصلحوا بينهما) أي: فاسعوا (لدفع) الفساد وإزالة الشر. واعلم أنه إذا وقع مثل هذا بين طائفتين يجب على الإمام أن ينوب عن الإمام ينظر بينهما ويحملهما على الحق، فإن امتنعت إحدى الطائفتين عن قبول الحق [ردها]
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»