تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٠٠
* (فلما رآه مسقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم (40) قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون (41) فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت * * * * يرتد طرفه من ذلك الذاهب، يكون قد وصل إليه. وفي القصة: أنه لما دعا الله خرق الله الأرض عند عرشها، فساخ العرش في الأرض، وظهر عند سرير سليمان، وكانت المسافة مقدار شهرين، وقال بعضهم: إن الله تعالى أعدم ذلك العرش، وأوجد مثله على هيئته عند سليمان، والقول الأول أولى.
وقوله: * (فلما رآه مستقرا عنده) قال السدي: جزع سليمان حين رأى ذلك، وكان جزعه أنه كيف قدر ذلك الرجل على ما لم يقدر هو عليه؟ ثم إنه رجع إلى نفسه، فقال: * (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر).
وقوله: * (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) أي: غنى عن شكره، كريم في قبول شكره وإثابته عليه.
قوله تعالى: * (قال نكروا لها عرشها) معناه: غيروا لها عرشها. وقوله: * (ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون) في التفسير: أن الجن كانوا قالوا لسليمان عليه السلام: إن في عقلها شيئا، وقالوا له أيضا: إن قدمها كحافر الحمار، وعلى ساقها شعر كثير. وإنما غير عرشها ليعرف بذلك عقلها، وروى أنه جعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه، وروى أنه جعل مكان الجواهر الأحمر أخضر، ومكان الأخضر أحمر، وروى أنه زاد فيه ونقص منه.
وقوله تعالى: * (ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون) يعني: أتعرف عرشها أم لا تعرف؟
قوله تعالى: * (فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو) لم تقل: لا خوفا من الكذب، ولم تقل: نعم خوفا من الكذب، ولكنها قالت: كأنه هو. وقال مقاتل: شبهوا عليها فشبهت عليهم، وقد كانت عرفته. وروى أنه إنما أشبه عليها؛ لأنها كانت خلفت العرش في بيوتها، فرأته أمامها عند سليمان، فاشتبه عليها الأمر، وقالت
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»