* (أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (19) ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين (20) وما كان له عليهم من سلطان إلا) * * وقوله: * (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق) أي: أحاديث في القرون التي تأتي، وفرقناهم وبددناهم كل مفرق ومبدد. قال الشعبي: تفرقوا في البلاد لما غرقت قراهم وهلكت جناتهم، فمر الأزد إلى عمان، وخزاعة إلى تهامة، وغسان إلى الشام، وآل (خزيمة) إلى العراق، والأوس والخزرج إلى يثرب. وكان الذي قدم المدينة منهم عمرو بن عامر وهو جد الأوس والخزرج.
وفي بعض التفاسير: أن قراهم كانت [أربع] آلاف وسبعمائة قرية، وكانت متصلة من سبأ إلى الشام قرية قرية. وعن بعضهم في معنى قوله: * (فجعلناهم أحاديث) أن الناس يضربون بهم المثل في التمزق والتفرق، والعرب تقول: صارت بنو فلان أيدي سبأ وأيادي سبأ إذا تفرقوا وتبددوا. وأنشد الأزهري:
(غيبا نرى الناس إليه تنسبا * من صادر أو وارد أيدي سبا) وقوله: * (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) أي: صبار على البلاء، شكور للنعمة.
قوله تعالى: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) وقرئ: ' صدق ' بالتخفيف أما بالتشديد فمعناه: أنه ظن ظنا وصدقه، وظنه في قوله تعالى: * (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم) إلى قوله: * (ولا تجد أكثرهم شاكرين) ويقال: إنه ظن أنه إذا أغواهم اتبعوه، وكان كذلك.
وفي التفسير أن إبليس قال: لقد أخرجت آدم من الجنة مع كثرة علمه وأغويته، فأنا على ذريته أقدر.