تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٣١٢
* (على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه) * * وقال أهل العلم: الأمانة قطب الإيمان، قال النبي: ' لا إيمان لمن لا أمانة له '.
ومن الأمانة أن يكون الباطن موافقا للظاهر، فكل من عمل عملا يخالف عقيدته فقد خان الله ورسوله. وقد قال الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم) نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر، وقد كان وضع أصبعه على حلقه، يشير إلى بني النضير إنكم إن نزلتم فهو الذبح، وقد بينا.
وقوله: * (على السماوات والأرض والجبال) فيه أقوال:
الأول: وهو قول أكثر السلف، وهو المحكي عن ابن عباس وجماعة التابعين: هو أن الله تعالى عرض أوامره على السماوات والأرض والجبال عرض تخيير لا عرض إلزام، وقال لهن: أتحملن هذه الأمانة بما فيها؟ قلن: وما فيها؟! فقال: إن أحسنتن جوزيتن، وإن عصيتن عوقبتن، فقلن: لا نتحمل الأمانة، ولا نريد ثوابا ولا عقابا، وعرضها على آدم فتحملها بما فيها. وفي بعض التفاسير: أنه قال: بين أذني وعاتقي.
قال ابن جريج: عرض على السماء، فقالت: يا رب، خلقتني وجعلتني سقفا محفوظا، وأجريت في الشمس والقمر والنجوم، ومالي قوة لحمل الأمانة، ثم عرضها على الأرض، فقالت: يا رب، خلقتني وجعلتني بساطا ممدودا، وأجريت في الأنهار، وأنبت في الأشجار، وما لي قوة لحمل الأمانة، وذكر عن الجبال قريبا من هذا، وجملها آدم وأولاده. وعن مجاهد قال: أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملوا الأمانة، وجملها آدم فما كان بين أن حملها وخان فيها وأخرج من الجنة إلا ما بين الظهر والعصر.
وحكى النقاش بإسناده عن ابن مسعود أنه قال: مثلت الأمانة كصخرة ملقاة،
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»