تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥٣٦
* (بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب (39) أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من) * * وقوله: * (ويزيدهم من فضله) أي: زيادة على ما يستحقون.
وقوله: * (والله يرزق من يشاء بغير حساب) قد بينا.
قوله تعالى: * (والذين كفروا أعمالهم) اعلم أن الله تعالى لما ذكر المثل في حق المؤمنين أعقبه بالمثل في حق الكفار.
وقوله: * (كسراب) السراب: ما يرى نصف النهار شبه الماء الجاري على الأرض، وأكثر ما يراه العطشان. قال الفراء: السراب ما لزم الأرض، والآل ما ارتفع من الأرض، وهو شعاع بين السماء والأرض شبه الملاة، يرى فيه الصغير كبيرا، والقصير طويلا.
وقال غيره: السراب نصف النهار، والآل بالغدوات، والرقراق بالعشايا، قال الشاعر:
(فلما كففنا الحرب كانت عهودهم * كلمع سراب بالفلا متألق) وقوله: * (بقيعة) القاع: هو الأرض المنبسطة.
وقوله: * (إذا جاءه لم يجده شيئا) أي: لم يجده شيئا مما أمل وحسب.
وقوله: * (ووجد الله عنده) أي: عند علمه، ومعناه: أنه لقي الله في الآخرة.
* (فوفاه حسابه) أي: جزاء عمله، قال الشاعر:
(فولى مدبرا هوى حثيثا * وأيقن أنه لاقى الحسابا) وقوله: * (والله سريع الحساب) ظاهر المعنى.
واعلم أن في نزول الآية قولان: أحدهما: أنها نزلت في شيبة بن ربيعة - وكان يطلب الدين قبل أن يبعث النبي - فكان يلبس الصوف، ويأكل الشعير، ثم لما بعث النبي كفر به.
والقول الثاني: أن الآية نزلت في جميع الكفار، والمراد من الآية: تشبيه أعمالهم بالسراب، وأعمالهم هي ما اعتقدوها خيرا، من الحج وصلة الأرحام، وحسن الجوار،
(٥٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 ... » »»