* (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع) * * قوله تعالى: * (والله خلق كل دابة من ماء) فإن قال قائل: كيف يستقيم قوله: * (خلق كل دابة من ماء) وقد خلق كثيرا من الحيوانات من غير الماء كالجن والملائكة؟ والجواب عنه: أن الله تعالى خلق جميع الحيوانات من الماء، وزعم أهل التفسير أن الله تعالى خلق ماء ثم جعله نارا، فخلق منها الجن، ثم جعله ريحا، فخلق منها الملائكة، ثم جعله طينا، فخلق منه بني آدم.
وقوله: * (فمنهم من يمشي على بطنه) يعني: مثل الحيات والحيتان وما أشبههما، فإن قيل: كيف يتصور المشيء على البطن؟ والجواب: أن المراد منه السير، والسير عام في القوائم وعلى البطن، وقال بعضهم: المشي صحيح في المشي على البطن، يقال: مشى أمر كذا.
وقوله: * (ومنهم من يمشي على رجلين) يعني: مثل بني آدم والطير، فإن قيل: أيسمى الطير دابة؟ قلنا: بلى؛ لأن كل ما يدب على الأرض فهو دابة.
وقوله: * (ومنهم من يمشي على أربع) يعني: البهائم، فإن قيل: قد نرى ما يمشي على أكثر من الأربع، قلنا: قد ذكر السدي أن في قراءة أبي بن كعب: ' ومنهم من يمشي على أكثر من الأربع ' فيكون تفسير للقراءة المعروفة، ويصير كأن الله تعالى قال: * (ومنهم من يمشي على أربع) وعلى أكثر من الأربع، وأما على القراءة المعروفة فإنما لم يزد على الأربع؛ لأن القوائم وإن زادت فاعتماد الحيوان على جهاته الأربعة، فكأنها تمشي على أربعة، ويقال: إنها وإن مشيت على أكثر من الأربع فهي في الصورة كأنها تمشي على أربع، فإن قيل: قال: * (ومنهم من يمشي) وكلمة ' من ' لمن يعقل ليس لما لا يعقل، والجواب عنه: أنه إنما ذكر بكلمة ' من ' لأن الكلام إذا جمع من يعقل، ومن لا يعقل غلب من يعقل على ما لا يعقل.