تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٨٦
بسم الله الرحمن الرحيم (* (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا) * * قوله - تعالى -: * (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض) حكي عن كعب الأحبار أنه قال: هذه الآية أول آية في التوراة، وآخر آية في التوراة: قوله - تعالى -: * (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) الآية.
فقوله: * (الحمد لله) معناه: احمدوا الله، ذكر الخبر بمعنى الأمر، وفائدته: الأمر بالحمد وتعليم الحمد؛ فإنه لو قال: احمدوا الله؛ دعت الحاجة إلى بيان كيفية الحمد، وقوله: * (الذي خلق السماوات والأرض) إنما خصهما بالذكر؛ لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد؛ ولأن فيهما العبر والمنافع للعباد.
* (وجعل الظلمات والنور) والجعل: بمعنى الخلق، ثم اختلفوا، قال بعضهم: الظلمات: الليل، والنور: النهار، وقال بعضهم: أراد بالظلمات: الكفر، وبالنور: الإيمان، ويدخل في الظلمات جميع الظلمات، حتى ظلمة القلب، وظلمة الشك، ونحو ذلك.
ويدخل في النور جميع الأنوار، حتى نور القلب، ونور اليقين، ونحو ذلك، وقيل: أراد بالظلمات: الجهل، وبالنور: العلم، وقيل: أراد بالظلمات: المعصية، وبالنور: الطاعة.
وروى عن قتادة أنه قال: إن الله - تعالى - خلق السماء قبل الأرض، والليل قبل النهار، والجنة قبل النار، وقد قال غيره: خلق الأرض قبل السماء، وسيأتي.
* (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) قال الكسائي: عدل الشيء بالشيء: إذا ساواه به، ومنه العدل. ومعناه: يعدلون بالله غير الله، وقال مجاهد: معناه: ثم الذين كفروا بربهم يشركون، والمعنيان متقاربان؛ لأن من ساوى غير الله بالله؛ فقد أشرك. وقيل: قوله: * (ثم الذين كفروا) معنى لطيف، وهو مثل قول القائل: أنعمت عليك كذا، وتفضلت عليك بكذا ثم لا تشكرني، ثم تكفر بنعمتي.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»